أدب (4)
والأدب ليس مجرد “كلام” يتم رصفه وفقا لقواعد تفرضها سلامة النطق ويوجيها النقد الأدبي في قواعده ومناهجه التي لا تتوقف عن التجدد والتعدد فلو كان الأدب مجرد “كلام” و”تعابير” خاضعة لمقاييس نحوية ولغوية ونقدية لكان الأدب مجردا من هوية مجتمعه وهوية كاتبه ولجاز أن يضاف أدب اليونان إلى العرب وأدب الهند إلى الآداب الإفريقية مثلا .. ولكن الأدب هو “وجه المجتمع” فيه طوابع المجتمع وفيه طباع المجتمع وفيه المجتمع بكل تفاصيل وخفايا وظواهر حياته ف “التعبير الفني” بكل اشكاله وأنواعه هو المقابل لسلوك وفعل المجتمع، فالحياة سلوك وفعل ومرآتها الأدب والتعبير الفني من رسم وتمثيل وتشكيل وآداب متعددة التسميا الأدب هو “الأمة ” وانسلاخها عن “أدبها” يعني أنها أمة “بلا أدب” بكل مايعنيه التعبير من دلالات جارحة وحتى شنيعة والأمة التي تستورد زادها هي أمة جائعة حتى ولو شبعت والأمة التي تستورد ملابسها هي أمة عريانة حتى ولو لبست أجمل الثياب ولكن الأمة التي تستعير أدبا غير أدبها هي ” أمة لا أدب لها وهي غير مؤدبة” فالتغبير فيه خصائص الإنسان بكل ما فيه .. فيه خصائص لسانه نطقا للصوت من حيث الترقيق والتفخيم والمد والتقصير والجهر والهمس وفيه خصائص النطق للصوت من حيث استعمال “مخارج الحروف” وهي ” الأصوات” وتناسقها على على أدوات النطق من الحلق والفم والخيشوم وأطراف اللسان وأطراف تجويف الفم ويعرف المرء هذا عندما يقوم بتسكين الصوت في أي حرف ليدرك مكان خروجه ومخارج الحروف والتصويت، وخصائص الصوت في الحروف نطقا هو الذي يميز لسان قوم عن قوم وبه تظهر خصائص وملامح لسانهم في بيانه ورطانته وأدب الأمة هو امتداد لأجيالها وتاريخها وثقافتها وروح دينها وفوح قيمها ومن حقها تحديثه وتطويره وتجديده ولكنه تحديث وتجديد وتطوير خاضع لمقاييسها هي ومناهجها هي وطباعها هي ولسانها وليس تطويرا “مستوردا” كبقية المستوردات التي تخرب الطباع وتفسد الجسد وتورث العلة وتنشر الأمراض وتمزق الاقتصاد وتعلمنا الكسل والتنبلة والاعتماد على الاستيراد كأننا خلقنا الله تعالى لنستورد زادنا من خارج أرضنا بينما أرضنا عامرة بالخيرات وللكن لاحياة ولا حياء لأهلها !! نعم الأدب يحتاج تطويرا وتحديثا .. ولكن وفقا لمناهج وقواعد لسانه .. ويحتاج التجديد ولكن داخل إطار قيم وطباع وخصال أهله في الحياة والتعبير .. ويحتاج التحديث ولكن وفقا لروح دينه القيم في رسم الحياة والآداب والأخلاق، فالخروج على هذه القيم ليس خروجا على الأدب وإنما هو خروج على الأمة بتاريخها وثقافتها ولسانها ودينها العظيم وبلاغة لسانها المبين .
■ عمر رمضان اغنية