يجري الآن وبشكل واسع ومتسارع بن العامة، تداول مسودة لقرار مزعوم من المصرف المركزي، قيل أنه سيصدر لاحقا بشأن سحب العملة من فئة الخمسن دينار من التداول. هذه المسودة التي تبنتها وسائط إعام إلكتروني ومرئي بشكل موسع في غضون لحظات، كما لو كان القرار حقيقي وقد صدر بالفعل، على الرغم من أن مصرف ليبيا المركزي حتى لحظة كتابة هذا المقال لم يتطرق لهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد !! هذه الوسائط بتبنيها لهذه المسودة، من دون التأكد من مصدرها ومن صحتها، وهو مايجب عليها فعله قبل أن تنشره، صبت الزيت على النار، وألهبت السوق بنار أخرى عاوة على نار أزمة السيولة الخانقة التي أفسدت علىجل الليبين فرحتهم بعيد الفطر!، حيث بدأت تداعياتها السلبية تظهر بالفعل للعيان. وبغض النظر عن صحة محتوى هذه المسودة من عدمه، فهل فات إدارة المصرف المركزي، أن أزمة السيولة الخانقة القائمة حاليا ستتضاعف، وهل هي بهذه السذاجة حتى تقع في منزلق مثلهذا؟. هذه المسودة التي تجاهل المصرف المركزي نفيها أو التأكيد على صحتها قد فعلت ما ليس في الحسبان، حيث تأزم موقف السوق بيعا وشراء، لأن الأغلبية من أصحاب الورش والمصانع وأسواق الجملة والقطاعي توقفت عن التعامل بهذه الفئة من العملة النقدية، على الرغم من كونها السيولة الغالبة بن أيدي الناس في الوقت الراهن، والتي لازالت تصرف لزبائن المصارف من خال الصكوك أو عبر آلات السحب الإلكتروني حتى هذه اللحظة!؟. وإذا ما افترضنا جدلا أن الحاجة ملحة لمثل هذا القرار بنية تصويب بعض العطب القائم في الشأن المالي العام، أليس من الواجب استبدال المودع منها في المصارف ببديل من فئات نقدية أصغر، خاصة لمن يحوزون مبالغ بسيطة منها ؟. وقبل هذه وتلك يظل سؤال .. كيف يتم تسريب مسودة قرار يخص أمر حساس ومؤثر كهذا، قبل أن يتم اعتماده، ومن المسئول عن طباعته وعن تسريبه إن كان صحيحا وليس مزورا؟! وهنا لابد من الجهة المختصة بمصرف ليبيا المركزي التصرف بالتدخل عاجا لوضع النقاط على الحروف وإعادة الثقة للسوق، بتأكيد وتوضيح ماورد في هذه المسودة أو نفيه وتكذيبه، قبل أن تتداخل الأمور ببعضها البعض، وإحداث أزمة مضاعفة لما هو قائم من أزمات.
إدريس أبوالقاسم