التدخل الخارجي في ليبيا لم يعد مؤامرة تحاك في الخفاء أو خطط تنفذ في غرف مغلقة، فما كان يُتداول سراً صار يذاع في العلن، وما كان يُقال همساً بات يُسمع بوضوح ويتشدق به الناطقون الرسميون للدول )الشقيقة والصديقة( وتتناقله وسائل الاعام مثل كل الأخبار الأخرى. الخطير في هذا الأمر أن هذه الأخبار وتلك التصريحات لم تعد تثير أحداً منا وبات أغلبنا يتعامل معها وكأنها تحصيل حاصل وأمر لا مفر منه، فلم يعد يعقد أي اجتماع إقليمي أو دولي إلا والملف الليبي موضوع على الطاولة وفي صدارة النقاشات، ولا يلتقي مسؤولان من الدول المتورطة في الشأن الليبي إلا وتكون الأزمة الليبية أحد بنود الإجماع .. في كل تصريح أو مؤتمر صحفي لمسؤولي الدول (الشقيقة والصديقة) يتبرع هذا أو ذاك بنصائحه لليبين ويردد كلمات تسيء لهذا الشعب وتضرب سيادته في مقتل . ما يحدث لدينا وبيننا يجعلنا نتحسر على تضحيات الأجداد والثمن الباهظ الذي دفعوه من أجل تحقيق استقلال هذا البلد ونيل حرية شعبه وسيادته.. كيف يمكن أن نرضى للآخرين أن يحددوا معالم سياستنا الخارجية؟ وكيف نقبل من الأجنبي أن يضع خططنا الاقتصادية؟ وكيف نوافق للغريب أن يتدخل في شأننا الأمني ويفرض علينا وصايته؟. أن تتحول ليبيا إلى كعكة فتلك مسؤولية أبنائها ، وأن تصير غنيمة للقوى الاقليمية والدولية فذلك عار تسبب فيه من تصدروا المشهد ووافق عليه أهلها بصمتهم وإستكانتهم. زيارات كثيرة تتم لا يمكن وصفها إلا بالمشبوهة ولقاءات عديدة تجري ولا يعلم الشعب فحواها ولا يدري مضمونها يتم التعتيم عليها وتغليفها بالسرية لا يمكن أن تكون لصالح الوطن وخدمة مواطنيه بقدر ما هي ترتيبات للتمترس في المنصب والقفز نحو الصدارة بدعم من الخارج. فرصة النجاة من الكارثة مازالت قائمة، ونهاية النفق بالإمكان الوصول إليها قبل أن يختفي ضوؤها تماماً، ويستقر بنا المقام في القاع الذي يبدو قريباً، وقريباً جداً.
خالد الديب