رغم أن المسافة بين طريق السكة حيث مقر حكومة الوحدة الوطنية ومصرف ليبيا المركزي حيث يقع مقره في الشارع الموازي للسراي الحمراء لا تزيد عن خمس كيلومترات على أبعد تقدير ، إلا أن البيان الذي أصدره محافظ المصرف المركزي السيد الصديق الكبير ردا على كلمة رئيس الوزراء السيد عبدالحميد الدبيبة حول قرار رئيس مجلس النواب بشأن فرض ضريبة على سعر الدولار بنسبة 27 % , كشف عن اتساع الهوة بين رئيس الحكومة ومحافظ المصرف المركزي وتدهور العلاقة بينهما ، مما سينعكس بالسلب على مجمل الأوضاع الاقتصادية ، وسيؤثر على الاستقرار السياسي الهش ! الحكاية أكبر من دنانير أضيفت هنا أو هناك ، لماذا ؟ لسبب أن أثرها الاقتصادي والاجتماعي سيطال البسطاء الذين سيكتوون بنيران الزيادة ويدفعون ثمن فاتورة الفساد والإنفاق الموازي والإنفاق المبالغ فيه ! المحافظ فند ما جاء في كلمة رئيس الوزراء واعتبر أن ما جاء فيها غير دقيق ، وذلك من واقع الأرقام التي يمتلكها و التي أصابتنا جميعا بصدمة ، ودقت نواقيس الخطر ، ورئيس الوزراء يصعد ويوجه اتهامات للمحافظ بإخفاء المليارات ، مطالبا الشارع بالتحرك والرد على ما ذكره المحافظ بعيدا عن أي عبارات فضفاضة معربا عن استعداده للمحاسبة! وبعيدا عن الدخول في تفاصيل ما جري ، يجب أن نعترف أن الخلاف بين رئيس الوزراء والمحافظ قد تعدى حدود المعقول. صحيح أنه لا يهمنا شكل العلاقة الإنسانية بينهما، لأن ذلك أمر يخصهما لوحدهما ، ومن الممكن أن يحل عن طريق (قعدة وفنجان قهوة) كما حدث عندما اختلف الكبير في السابق مع سيء الذكر رئيس حكومة الوفاق ، وانتهى الخلاف وذهب رئيس الوزراء وبقي المحافظ على طريقة (حبال سوء وطاحوا في بير) ما يهمنا هنا الآن كليبين أن نعرف أين هي الحقيقة ؟ من منهما الذي يبيع لنا الوهم؟ ومن سيحاسب المدلس الذي سيثبت تدليسه ؟ الأمر ليس بالسهل والكلام كبير كبير يا كبيرين، ولابد من وقفة جادة لمحاسبة المخطيء؛ سواء كان رئيس الوزراء أو المحافظ ، و وسط هذا كله نتساءل أين الأجهزة الرقابية في الدولة من هذه الاتهامات ؟ أين هي من هدر المليارات و الإنفاق المبالغ فيه، والذي يضعنا في طريق اللاعودة ؟ لماذا تغض الطرف عن ارتفاع فاتورة دعم المحروقات وعمليات التهريب التي ارتفعت بشكل مبالغ به ليستفيد منها الديناصورات المتعاونة مع مافيات التهريب الدولية لنهب أموال الليبين ؟ وحتي لا تنزلق الأمور لمنزلق نتخوف منه ويوقعنا في خبر كان لابد من وضع حد لهذا للتراشق الإعلامي وهذه الخلافات بعيدا عن المماحكات التي ستزيد الطين بلة، المطلوب الآن تغليب مصلحة الوطن على أي خلافات أو حسابات شخصية ، لابد من حل هذه الخلافات قبل فوات الأوان وإن لم يتم ذلك ، فالأوضاع ذاهبة للمزيد من التدهور ، ولا نعتقد أن البلاد ستتحمل المزيد من الهزات والهزات الارتدادية.
* عصام فطيس