جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى!
شدَّ انتباه عُمر بن الخطاب أن أبا بكر الصديق يخرج الى أطراف المدينة بعد صلاة الفجر ويدخل بيتا صغيرا لساعات ثم ينصرف الى
بيته .. وكان عمر يعرف كل ما يفعله ابو بكر الصديق من خير إلا سرّ هذا البيت ..! مرت الأيام ومازال خليفة المومنين يزور هذا البيت ؛ ومازال عمر لا يعرف ماذا يفعل الصديق داخله ، فقرر عُمر دخول البيت بعد خروج ابو بكر منه ؛ ليشاهد بعينه ما بداخله ، وليعرف ماذا يفعل فيه الصديق بعد صلاة الفجر .. حينما دخل عمر هذا البيت الصغير وجد سيدة عجوز لا تقوى على الحِراك ليس لها احد ؛ كما انها عمياء العينين ..و عرفها بنفسه. فاستغرب ابن الخطاب مما شاهد واراد ان يعرف ما سر علاقة ابي بكر بهذه العجوز العمياء ؟! سال عمر العجوز : ماذا يفعل هذا الرجل عندكم؟ )يقصد ابو بكر الصديق( فاجابت العجوز وقالت : والله لا أعلم يا بُني؛ فهذا الرجل يأتي كل صباح وينظف لي البيت ويكنسه ومن ثم يُعد لي الطعام وينصرف دون ان يُكلمني ! ولما مات أبو بكر قام عُمر باستكمال رعاية العجوز الضريرة فقالت له : أمات صاحبك ؟! قال: وما أدراكِ ؟ قالت : جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى .. فجثم عمر بن الخطاب على ركبتيه وفاضت عيناه بالدموع وقال عبارته الشهيرة: «لقد اتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر .» أنبكي أبا بكر أم نبكي عمر؟ أم نبكي حالنا اليوم على المشاعر والأخلاق التي انهارت وتدهورت؟ رضي الله عنهم وأرضاهم.