لم أعد أذكر السبب الذي دفعني في ذلك اليوم إلى تضمين إجابات أسئلة الامتحان في نفس الأسئلة الخاصة بامتحان نصفي في قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة الزاوية بحيث تكون إجابة السؤال الأول ضمن ديباجة السؤال الرابع وإجابة السؤال الرابع ضمن ديباجة السؤال الأول وبطريقة فيها شيء من الاحتراف إن جاز التعبير .. وهكذا لم يكن الامتحان بوضعه ذاك قياسا لمدى التحصيل العلمي في إحدى المواد الإعلامية بل كان قياسا للذكاء ومدى التركيز ومدى الانتباه وكانت النتيجة مدهشة فالقاعة التي كانت تضم خمس طالبات وأربعة طلبة برز فيها متغير الجنس بنسبة 100 % كمتغير أساسي في النتائج إذ تحصلت الطالبات اللاتي تفطن إلى الخدعة على الدرجة كاملة بينما عانى الطلاب الذكور من تدني درجاتهم بعد ان فشلوا في العثور على الإجابة بين طيات أدمغتهم وبين طيات الأسئلة أمامهم .. في ذلك اليوم كنا على حداثة العهد بفبراير 2011 م وكان التعليم الجامعي دراسة وتحصيلا وامتحانات في وضع جيد قبل أن يمسه وباء
الفوضى .. وأذكر جيدا الحالة النفسية التي انتابت الطالبات فور عثورهن على الإجابات كاملة في ورقة الأسئلة إذ وضعن الأقلام جانبا وأمعن النظر نحوي في صمت ووجوم وأدركت أنهن يكتمن ضحكات مجلجلة وتخشين أن أطلقن العنان لتلك الضحكات من الحرمان من الامتحان فتضيع عليهن فرحة الدرجة الكاملة .. وخلال لحظات أعلنت للقاعة بأننا في قاعة امتحان وأنه لا يسمح بالكلام نهائيا ولا يسمح بالالتفات نحو الغير ولكنني أسمح الآن بالضحك فقط . انفجرت الطالبات بالضحك وضجت القاعة بضحكاتهن بينما كان الطلبة الذكور ينظرون مشدوهين من الموقف ولعلهم لم يكتشفوا سبب الضحك إلى هذه الساعة مثلما لم يكتشفوا أن الإجابات كاملة أمام أعينهم البليدة … اليومان الماضيان قرأت قائمة المقبولين لدراسة الطب البشري في إحدى كبريات كليات الطب في المنطقة الغربية ووقف شعر راسي وكاد يظهر لي شعرا جديدا في مقدمة الراس التي تعاني من تساقط يسير .. والسبب أن حوالي 90 % من المقبولين هم من الإناث .. فما الذي حدث للسادة الذكور وأين ذهبوا وأين علماء الاجتماع من دراسة الظاهرة الخطيرة )ربما( .. الذكور يتسربون من التعليم عبر اسفنجة الجيوش واسفنجة المليشيات وعبر بوابات وظيفية مغرية أخرى تمتصهم مصارهيبا على ما يبدو وحتى الذين لم يتسربوا كليا تسربوا جزئيا وحتى الذين بقوا في التعليم العالي كان همهم الأكبر هو المرور فقط دون التميز من أجل الحصول على (كاغط) ترتقي به درجاتهم الوظيفية وترتقي به رتبهم العسكرية لا أكثر ولا أقل .. ما هي نتائج شيوع الإناث في التعليم الطبي وتفوقهن في علوم الآداب من لغة انجليزية وعربية ومواد وتخصصات مختلفة وما هو سر تفوقهن في كليات العلوم وما هو الضرر الذي سيطال المجتمع من أجيال الذكور التي تسربت ولم تتأهل علميا أو أكاديميا على المدى القريب والبعيد .. وحتى ينتبه البحاث والدارسون وأساتذة علم الاجتماع وعلماء الاجتماع إلى الظاهرة الكبيرة المحيرة ونتائجها وحتى يتوصلوا إلى توصيات بشأنها سنظل نردد بأن العبقريات الليبيات الإناث (طبعا) قادمات .
■ عبدالله الوافي