عندما تكون مهنتك الكتابة لابد أن تقرأ كثيرا ، ولابد أن تعرف أكثر وأن تبحث كطالب في صفوف الدراسة عن كل ما يكون في منهجك ومقرراتك ، ولأن الكتابة تعتمد على الحروف واللغة فلابد من العودة دائما إلى اللغة العربية قواعد وأحكام وصياغة ومفردات ومقارنات وهذا لكي يكون منتجك ككاتب يليق بالنشر والأهم من ذلك كله ما هو هدف الكاتب من الكتابة ؟ وماهي الرسالة ؟ و ماذا يستفيد القارئ المتلقي بعد الانتهاء من القراءة ؟ إننا نكتب لأننا اخترنا أن نساهم في نشر المعرفة والثقافة وإنارة العقول وتنبيه الناس والمجتمع إذا لزم الأمر وإرشاد الناس إلى أنجع السبل لمعرفة وتحليل الأحداث والأمور السياسية وتنبيههم إلى الأخبار الزائفة والكاذبة وهنا نذكر أنه صدر عن جامعة بريستون عام 2020 م للباحثة (ريناتا سالسيل) كتاب بعنوان شغف الجهل وتبدأ ريناتا ، الفيلسوفة وعالمة الاجتماع، باستعراض دراستها حول الجهل، بالإشارة إلى طريقة تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع جائحة فيروس كورونا الجديد. ففي مطلع عام 2020 ، أساء ترامب فهم الخطر المحيق ببلاده. ومع ذلك.. فعندما بات الخطر جليًّا، قال: “شعرتُ بأن الوضع ينم عن جائحة، قبل وقت طويل من وصفها بأنها كذلك”. وهذا السلوك، الذي يشاركه فيه العديد من الزعماء، كشف عن أمرين، هما :”عدم العلم بالمشكلة (الجهل)، وعدم الإقرار بها (تجاهلها). وهما مسألتان وثيقتا الصلة ببعضهما بعضًا، ويدور حولهما الكتاب الجذاب، الذي يتناول قضايا متنوعة معاصِرة، بدءًا من علم الجينات، حتى الأخبار الزائفة . لذا على المتلقي أن يتأكد مما يسمعه ويقرأه ، وتورد الباحثة في الكتاب أمثلة متعددة عن الأصرار على عدم المعرفة والاقتصار على رؤوس الأقلام في مسائل مهمة وعميقة وتستحق المعرفة كمواجهة المشاكل والأوبئة والأمراض والتي تحتاج معالجتها إلى معرفة عميقة ومختصة ، ولكن الاستسهال والسطحية والشغف بالجاهز والقوالب المكررة وما تبثه وسائل الإعلام والدعاية وتروج له مواقع التواصل كل ذلك ساهم في تأجيج الشغف بالجهل وصناعة عقول أقرب للأمية منها للمعرفة ، لذا نجد لزاما علينا أن نعمق القراءة والدراسة ونحاول أن نفهم الأمور ونعيد ترتيبها وتنقيحها وخصوصا ممن يمتهن حرفة الكتابة وتقديم وجبة ثقافية أو إعلامية منتظمة
للقارئ وهي وجبة تحتاج لتجهيز جيد كي تكون جيدة المذاق ومؤثرة ومفيدة للقارئ .
* د. أبو القاسم عمر صميدة
