على مدى سنوات اخذ ملف الصناعات الصغرى والمتوسطة، وريادة الأعمال، مالم يأخذه اي ملف اقتصادي آخر من اهتمام على الصعيد النظري، كانت هناك ورش عمل، وندوات، ومحاضرات، ومشاركات رسمية خارجية، وبروتوكولات تعاون مع منظمات إقليمية وأممية، والتي من بينها برنامج الاتحاد الأوروبي لدعم القطاع الخاص في ليبيا الذي اسندت أجندته إلى مؤسسة خبراء فرنسا لتنفيذ بهدف تحسين بيئة الأعمال في ليبيا لتحقيق تنمية اقتصادية وفرص عمل للشباب. وكانت هناك مبادرة “دراية” لتزويد رواد الأعمال بالمعرفة الأساسية لتحويل الأفكار المبتكرة إلى شركات ناشئة ناجحة، والتي تم بناءها من قبل وزارة الحكم المحلي ” “MoLG بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP” “، وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ” “EU والبنك الأفريقي للتنمية ” . “AfDB المفارقة ان كل هذه الجهود وعلى الرغم من مرور كم لابأس به من السنين، لازال الحال على ماهو عليه، فهي لم تفلح حتى الآن في إظهار أهدافها، والمتمثلة في إتاحة الفرصة للشباب من الجنسين لخوض العمل الخاص في شكله الإنتاجي والخدمي، بعيدا عن مسار الوظيفة العامة، ومحاولة إخراج الاقتصاد الليبي من الحالة الريعية السائدة الآن والمعتمدة بشكل شامل على تصدير النفط الخام والغاز. وكانت العقبة الأساسية التي تسببت في تعطيل الهدف، او لنقل إجهاضه، تكمن في اكثر من سبب، يبدأ بغياب الرؤية الواضحة للأهداف، وانعدام برامج الترشيد، والتوجيه بشكل متاح وسلس يبصر الراغبين في اتخاذ خطوه في هذا الاتجاه بطرح المشاريع المجدية كما وكيفا، ولعل أبرز هذه العقبات انعدام مصادر التمويل الذي هو أساس لتطبيق الأفكار على أرض الواقع. وفي ظل هذا الإخفاق، طرحت وزارة الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية الأسبوع الماضي مبادرة جديدة تحت مسمى “انطلاقة” تستهدف دعم وتمويل المشروعات الصغرى ومتناهية الصغر، تهدف إلى توفير التمويل اللازم للشباب الليبي، وأصحاب الحرف، ورواد الأعمال لتمويل مشروعاتهم، مع التركيز على الابتكار واقتصاد المعرفة. ولعل هذه المبادرة التي ركزت أساسا على تجاوز العقبة الأساسية ألا وهي التمويل من خلال وضع نظام جديد لدعم الشركات الناشئة وضمان تمويلها، بإنشاء صندوق ضمان خاص للمشروعات المستهدفة قد يحالفها النجاح بوضع اصبعها على الجرح. وكي تكتمل ظروف النجاح لهذه المبادرة ينبغي أن توحد الجهات ذات العلاقة من وزارات وهيئات ومؤسسات عامة وخاصة، ومنظمات مجتمع مدني جهودها، لنشهد على أرض الواقع ولادة مشروعات مجدية تعتمد بالدرجة الأولى على الخامات المحلية الزراعية والمعدنية، وألا تنحصر في مدن ومناطق دون غيرها، حتى لا تلحق هذه المبادرة بالمبادرات المتعثرة التي سبقتها.
■ إدريس أبوالقاسم