مقالات

الهدف والمفردات في الخطاب الإعلامي الوطني

عندما يكون لك هدف، يجب ان تكون واضحا في الذي تبتغيه.. فالخطاب الاعلامي للمؤسسة الوطنية لا يخفي سرا عندما يجعل هدفه هو تحشيد الناس او المتلقين حول رؤيته التي يبثها عبر خطابه الاعلامي الوطني .. وتحقيق حالة من الوعي وتبصير الناس بالمطلوب في كل مرحلة من المراحل .. وفي كل ذلك يسعى إلى كشف الحقائق والتنبيه الى المعرقلين والمعوقين وتصرفاتهم التي تحول دون تحقيق الرؤية الوطنية.. المفردات: يجب ان يتبنى الخطاب الاعلامي مفردات تسمي الاشياء بمسمياتها او هكذا تسمى، ترتقي وتتسامى الى مصاف الكلمة المتوازنة الرصينة بمضامين جامعة لمعاني الحق والخير والاصلاح، بعيدا عن اسقاط الاوصاف الخاصة بحالة المرسل وبدون ان تتبنى تسميات الاخر كأنها مفرداتك .. مفردات قوية تصدع بالحق، لا تخدش الحياء، لا تثير الشحناء، تفعل فعلها في المتلقي، فتحدث الأثر المطلوب من اجل تصحيح الاوضاع الى حالتها السوية .. وفي هذا لابد من الابتعاد عن الاوصاف التي تنحرف بالمعنى الى صفات أخرى لغرض تشويه الموصوف، او الاساءة اليه مما يربك الحالة نحو سوء أكبر ويؤدي الى تخليق وتصعيد المشاعر السلبية نحو حالات من الاحقاد والكراهية والنفور او الاصطدام. ان هذا المطلب في هكذا خطاب لكي يتحقق يستدعي بالضرورة درجة عالية من ضبط النفس وانكار الأنا الخاصة واعلاء قيمة ومصلحة ال نحن الوطنية، لأن كل الأطراف التي تدير الماكينات الاعلامية المحلية لها من المبررات والمرجعيات ما يجعلها واثقة انها الاحق والأصح بفهم الوطن والدفاع عنه مما يبيح لها ان تفتح النار على الجميع في ملحمة تضحية وفداء وثبات على المبادئ كما يتراءى لها.. لقد امست عناوين التصعيد من أمثال – التأجيج – التطرف – أحادية الخطاب – هي ما يجمع بين معظم القنوات الاعلامية الليبية العاملة الان الا مارحم الله. إنني اقترح على وسائط الاعلام الليبية المختلفة على مختلف مشاربها ان تتبنى خطابا وطنيا يتشكل من مفردات تحقق غايات ومقاصد كل من كان الوطن بوصلته الخالصة.. ليس يخفى على أحد من الذين عاشوا زمن الانتصارات والمواجهات ما رافقها من اخفاقات على العديد من الصعد من أداء سيء لدولة ترهلت وشاخت حتى طالت قوت المواطن بالعديد من السلبيات التي تراكمت حتى أمست ككرة الثلج التي تبعثرت وتحولت إلى كتل متضخمة تمزق النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي، مما افضى بالوطن الى نتائج كارثية، غدت معها حياة المواطن جحيما لايطاق، وأصبح حقه في العيش على أرضه محل شك، بل ان مستقبله برمته صار مشكوكا فيه . لقد طالت المأساة الأسرة والشارع والحي والمدينة مرورا بالعشيرة وليس انتهاء بدول الجوار. إن تتالي الأحداث المؤلمة وتتابعها اليومي من تلك الأفعال المرفوضة جعلت ليبيا تعيش واقع «عاجل جداً» ليصبح المواطن البسيط غير آمن على حياته وأسرته جراء تلك الجرائم البشعة ويقف عاجزاً عن ملاحقتها وتشخيصها فلم تعد التنمية والتعليم والصحة والإعلام والترفيه من الضرورات لتحل محلها المقذوفات وألسنة اللهب وأخبار اللصوص الذين تمتلئ بهم الطرقات والمتطرفين الذين يراقبون عادات الناس وتصرفاتهم وعلاقاتهم وأعداد الموتى على الهوية والابتزاز والتهديد والحروب الجهوية والقبلية هي التي شكلت واقعا طاردا وبيئة غير إنسانية للعيش حتى أضحى الوطن لعنة على أبنائه وكارثة لمن ينتمي له. إن الانحدار والتشظي الذي يشهده الوطن وما يقدم للمواطن من وجبات إعلامية بائسة وخطاب ديني أعرج مشوه ومرتبك فضلا عن ما يعانيه من تخبط سياسي ومحاكاة لتجارب آخرين يتم تقديمها أو تجسيمها بشكل فج وفاشل جراء البؤس المتناسل وما تلاه من مراحل الحكومات بخياراتها المتدنية والزج بالشعب في معترك الطرفين المنتصر والمهزوم، الأمر الذي زاد الواقع بؤسا وفاقم المرض حتى وصل حالة اليأس من الشفاء ليقترب بالوطن والمواطن من حالة الموت السريري . هل نكتفي بالبكاء على اللبن المراق والمسكوب أم أننا إزاء معركة واجبة لابد ان نخوضها بثقة ويقين .. للاجابة يتبع في مقالة قادمة.

■ د.عبد المنعم اللموشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى