شاب من الفرنجة من ضواحي العاصمة البريطانية لندن تأثر بأخلاق المسلمين وبحسن معاملتهم، فأقبل عليهم ولازمهم، وشيئًا فشيئًا أخذ يتطبّع بطباعهم ويغوص في معتقداتهم ومعرفة دينهم. ظل يلازمهم إلى أن نطق بالشهادة وأعلن إسلامه أمام الملأ. عندئذٍ شعر بسعادة وانشراح كبيرين وكأنه خُلق من جديد. فأخبر عائلته بذلك، وهنا كانت المشكلة حيث رفضت الأم هذا الأمر بشدة ولم تقبل أن ترى ابنها يستبدل دينه بدين آخر جديد، وعلى الفور طردته خارج البيت كعقاب له. وفي لحظة، وجد الشاب نفسه وحيدًا بلا بيت وبلا أسرة، وأصبح ينام في الشارع لأكثر من ثلاثة أسابيع متحملاً العراء والتشرد. ورغم ذلك لم يتزعزع أو يتراجع وزاد تمسكًا بالدين الإسلامي الذي اقتنع به حتى أتى الفرج من عند الله . فالآية الكريمة تقول : (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجًا). هنا تدخل الأب وأعاد ابنه إلى البيت بعد أن اشترطت الأم أن يبقى ابنها المسلم منعزلاً عن الأسرة، وليست له علاقة بما يدور في البيت، ولا يتدخل في شؤون الأسرة، وفيما يرى ويسمع داخل البيت، أو يحتج على ما اعتادت عليه العائلة من شرب للخمر وما إلى ذلك من المحرمات عند المسلمين. . عاد الابن إلى البيت وبقي يعيش حياته الجديدة بكل هدوء وطمأنينة، ويمارس طقوسه الدينية وفق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. كان يذهب كل يوم إلى إحدى المدن البعيدة ليصلي الفجر في جماعة باعتبار أن مدينته لا يوجد بها مسجد. الغريب أنه كان يأتي إلى المسجد ولا يبدو عليه أي نوع من الإرهاق أو التعب، بل بالعكس تمامًا، فهو أكثر نشاطًا وحيوية وكأنه أتى لصلاة الظهر أو صلاة العصر. هذا ما نقله لي أحد الشباب الليبيين المقيمين في بريطانيا، وقد التقى بالشاب وهنأه على دخوله الإسلام، وشرح له بأنه يجب ألا يشعر بالنقص أو أنه أقل شأنًا من المسلمين كونه اعتنق الإسلام مؤخرًا. وأخبره عن نفسه بأنه مسلم وُلد في عائلة مسلمة ودولة مسلمة، وبالتالي كان الأمر عليه سهلاً ميسرًا. وأوضح له أنه قد يكون عند الله سبحانه وتعالى أفضل من غيره من المسلمين لأنه اختار الإسلام رغم عيشه لسنوات في حياة الكفار، فكان امتحانًا صعبًا وقد اجتاز الامتحان بنجاح والحمد لله. والشيء الآخر الملفت للنظر أن هذا الشاب يحب اللغة العربية ويحب أن يتعلمها، وقد وعده أخونا الليبي بذلك . كما أنه الآن بصدد اختيار اسم جديد له، مفضاً أن يكون الاسم لأحد الأنبياء. ل هذا وقد أكد لي الأخ الليبي بأن هناك الكثير من الأجانب يعتنقون الدين الإسلامي، وخاصة من الشباب، بعد تأثرهم بسلوك الجاليات الإسلامية المتواجدة في أوروبا، خاصة الجالية الإسلامية من الهنود والباكستانيين المعروفين بدماثة أخلاقهم وحسن تعاملهم مع الآخرين. لاحظ الأب أن سلوك ابنه قد تغير وأصبح إنسانًا آخر، إنسانًا مؤدبًا مع إخوته والعائلة والجيران، ولم يعد كما كان في السابق يعود إلى البيت سكرانًا في آخر الليل ويخلق المشاكل مع الناس . أخذ الجيران يتحدثون عن محاسنه، وعن تغيره للأفضل .عندئذٍ أخذ الأب يفكر في أمر هذا الدين الذي جعل من ابنه المشاغب إنسانًا مثاليًا وأكثر هدوءًا وودًا والتزامًا. فطلب من ابنه أن يعرفه على أصدقائه من المسلمين الذين استطاعوا أن يجعلوا من ابنه المتمرد ابنًا صالحًا يعتمد عليه . هذه الحادثة هي درس لنا جميعًا، وتضع على عاتقنا مسؤولية عظيمة وهي أن الدين هو قول وعمل ومعاملة حسنة . وعلينا كمسلمين أن نكون دائمًا في المستوى من الرقي والأخلاق والسلوك الحسن، والتعامل بلطف واحترام مع الآخرين . الأمر الذي سيسهم في إعطاء صورة إيجابية عن الإسلام والمسلمين في كامل بلاد الغرب. وعن الصورة المشرقة لسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه رب العزة: (ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
■ عبد الرزاق يحيى