مقالات

يا بلادي حبك موالي

ربما تكون أغنية الفنان الكبير أحمد فكرون أحد الأشياء القليلة التي أتفق عليها اعلام الأطراف المتقاتلة عام 2011 .. فقد كانت هذه الأغنية تذاع في إذاعات الطرفين بشكل متكرر، ترنيمة عشق للوطن، كلمات تمس شغاف القلب، لحن انسيابي رائع، واداء يغلف الروح .. ولهذه الأغنية قصة ، فقد طلب منه ان يغني أغنية وطنية، فغني يا بلادي حبك موالي، لم يغني لشخص او لسلطة .. غني وتغني لليبيا معشوقة قلبه كما هي معشوقة قلوبنا ، كما غني لعمر المختار وقصيدة المجاهد ابو رويلة المعداني سوف. الجين، والتي تصف معركة للمجاهدين ضد الطليان وقعت بوادي سوف الجين في بن وليد.. عرفت أحمد منذ طفولتنا، ربما لم نكن أصدقاء ذاك الوقت كما نحن الآن، كان هو من سكان منطقة خريبيش المطلة علي بحر الشابي و كنت من سكان وسط البلاد، كان من النادر أن تراه دون جيتارته، صبي أنيق الملبس، مهذب، مبتسم دائم كانت موهبته فطرية، مما جعل المعهد العالي للموسيقي التابع لجامعة بنغازي لقبوله ضمن الدارسين بهذا المعهد رغم أنه لم يكن طالب جامعي ذلك الوقت وربما يكون الوحيد الذي تم استثنائه.. أحمد فكرون ليس مطرب فقط فهو أيضا” ملحن وموزع موسيقي وشاعر ، فكثير من كلمات أغانيه هو من كتبها، مثل أغنية جامع الفناء ، وهو فنان واسع الثقافة يتحدث الإنجليزية والإيطالية والفرنسية بطلاقة، كما أن لديه حس انساني مرهف والتزام اخلاقي كبير يظهر من خلال عدد من أعماله، فقد غني للبنان أبان فترة الحرب الأهلية بعد أن صدم بحجم الدمار والقتل الذي شاهده عند زيارته لها تلك الفترة، غني أيضا لهيروشيما اليابانية و التي ضربت بقنبلة ذرية غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية ودمرت المدينة علي بكرة ابيها وقتل اكثر من ثلاثمائة آلف مدني في دقائق معدودة ، وكانت هذه الأغنية بمثابة مرثية لها لدرجة أن شاعر ياباني طلب منه أن يغني هذه الأغنية باليابانية بعد أن يقوم بترجمتها، قرأت ذات مرة خبر في مجلة لبنانية في نهاية السبعينات ، أن مخرج فرنسي عرض عليه دور في فيلم يقوم بإخراجه وقد رفض هو هذا العرض، بعد سنوات سألته عن سبب رفضه، أخبرني أن الدور كان لمغترب عربي في فرنسا يتاجر بالمخدرات، وهو لن يسمح لنفسه أبدا أن يشارك في عمل يشوه أي عربي .. نهاية السبعينات والثمانينات مرت بلدنا بأوقات عصيبة،أصدر البومه شوارع المدينة وفيه تغني بأحزانه في اغاني الألبوم، هارب من الليالي ، شوارع المدينة، ترحال وبعد الفراق وهو الألبوم الذي منع من قبل السلطات ذاك الوقت .. يعتبر أحمد فكرون رائد الموسيقي العربية الحديثة، كما أنه أول مطرب عربي يخترق جدار العالمية ، إذ أن الكثير من أغانيه دخلت قوائم أفضل الأغاني في أوروبا وامريكا الجنوبية وكندا .. يقول عنه فريدرك ميتران مقدم البرامج الشهير في فرنسا ، أنه أول شخصية عربية تجتاح الساحة الفرنسية وهو أول مطرب عربي يأتي مثل حلم .. أحمد يا صديقي العزيز لم تكن لنا حلم ، كنت و لازلت و ستظل واقع بيننا نفخر به ونعتز، إن لم تكرمك الدولة كما يجب وكما تستحق ، لك هذا التكريم والحب في قلوبنا وعقولنا.

■ فايز حليم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى