موروث
و”تخاريف” الحكايات هي حكمة وفكاهة وتاريخ، وبين هذه العناصر الثلاثة تدور أغلب “الخرافات” التي تدور على ألسنة الرواة من كبارنا ويتلقاها صغارنا بكل الشوق والحب والشغف وتغلب على هذه “التخاريف” شخصية (الغولة) فهي “البطل” في أغلب “التخاريف” وعليها تدور الأحداث ومن وجودها تستمد ” الخرافة” حلاوتها وتشويقها وتظل الأعصاب مشدودة وهي تتابع “الغولة” تنتظر ما يمكن أن تفعله بضحيتها التي وقعت بين يديها . وهذه “الغولة” المرعبة هي “خيال” ميت من الأموات نهض من قبره وانطلق يعبث ويرعب و”يأكل” ضحاياه؛ يجعل من جثثهم ” زردة” له ولأطفاله و”عيلته” . فهل معنى ذلك أن “الماضي” قد يتحول فينا إلى ” غولة “تفتك بنا و” تأكلنا” إن سلمنا أنفسنا للماضي وتركنا حياتنا وحاضرنا وما ينبغي علينا من جهد وجهاد واجتهاد في صنع الحياة وإبداع المستقبل بالعلم والمعرفة والعمل والعرق ربما كان أجدادنا يريدون هذا وهم يقصون علينا حكايات “الغولة” التي تسحرنا وتسحبنا بحلاوة كلامها و”شعاراتها” ثم إذا انفردت بنا كشفت لنا عن وجه .. عيناه في قلب راسه ورجلاه رجلا حمار وتكوين متناقض مرعب وموت محقق .. ومن ذلك مثلا الغولة التي سحرت بكلامها الجميل الساحر سبع فتيات من فتيات النجع تحدثهن عذب الحديث وتبذل لهن أجمل الوعود حتى ابتعدت بهن عن النجع ووصلت مكانها قالت لهن بصوتها المنغوم الساحر (يا ابنياتي يا غاليات ترى ديرن برمة وجيبلي شوي حطب بيش انديروا عشانا) وخرجت الفتيات يجمعن الحطب من الغابة القريبة .. فلما رجعن بالحطب الكثير شعرن كأن بابا انغلق وراءهن .. وعندما التفتن وجدن أنفسهن في سجن بسياجاته ولا أمل في الخروج منه وكان أحد الفتيان قد خرج يتبع الفتيات السبع ومعه كلبه الأمين ورأى بعينيه كلما جرى فبقى يراقب من خارج السياجات هو وكلبه وقامت الغولة بوضع الفتيات في “فصبايه” وهي بناء فوق بيتها يشبه ” القصباية” وجعلت تغني _____ سبع صبايا في قصبايا ا يجيني الليل وناكلهن .. ورد الفتى مشاكسا لها ____ عيني تشبح .. كلبي ينبح . والله ماتضوقيهن .. وكان الفتى يعرف ان سلطان “الغولة” مرتبط بالليل والظلام فجعل يدور ويشاغب الغولة ووقف كلبه وفتح باب السياج ودخل الفتى .. ومضى الكلب يدور هنا وهناك حتى وجد (حمقونة) وهي بنت الغولة .. وعند ما عرفت الغولة ما جرى اقترحت على الفتى أن تطلق الفتيات ويطلق هو لها بنتها .. كان الفتى يعرف مما قاله جده أن الغولة لا تقترب مطلقا من الكلب فقال للغولة ____ اطلقي البنات نطلق لك بنتك .. قال الراوي ورجع الفتى ببنات نجعه ظاهرا منتصرا على مكر الغولة وفي يده ثوب (حمقونة) بنت الغولة وهو يهتف مع الفتيات ____ هذي شليتيتة حمقونة . خوذ ولوح ع الطابونة .. فمن شاء أن يرى الغولة ماضيا بغيضا متخلفا فله ذلك .. ومن شاء أن يرى في (شليتيتة) حمقونة آية الغازي المستعمر يعبث بها الأبطال المجاهدون فله ذلك.
■ عمر رمضان اغنية