الأحداث المتسارعة في الشقيقة سوريا لا تسر ومؤلمة للغاية وغير مطمئنة حيث تتجه الأمور إلى مزيد من التعقيد ،، فا شك أن سقوط دمشق في مستنقع الفوضى والإرهاب له تداعياته على المنطقة بكاملها ويعني في الوقت نفسه اكتمال حلقات مسلسل الانهيار العربي الذي بدأ في 2011 حتى وإن تم إرجاء بعض الحلقات بعضا من الوقت إذ لا يمكن فصل التطورات الأخيرة في سوريا عما كان ولا زال يحدث في لبنان وغزة وكامل منطقة الشرق الأوسط ولا بد أن ذلك السكوت العالمي الرهيب أمام ما تقوم به عصابات الهمج الصهيونية في لبنان وغزة كان له ارتداداته اليوم على الوضع الميداني في الساحة السورية لهدف إضعاف الدولة السورية وجعلها تغرق في الفوضى والإرهاب بعد أن تم إضعاف حزب الله وحلفاء سوريا في كل من إيران و إشغال روسيا في حربها مع أوكرانيا تماما كما حدث مع بقية دول الممانعة العربية والتي من بينها ليبيا. سقوط دمشق يعني سقوط آخر معقل للقوى المقاومة لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يضم الكيان الإسرائيلي كدولة محورية في هذا الفضاء الجديد وهو ما كان يقصده رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتنياهو عندما قال (إن ملامح شرق أوسط جديد بدأت تتشكل) . وبصرف النظر عن خارطة الحل السياسي للأزمة في سورية و التي يجري تداولها فإن الكيان الإسرائيلي هو المستفيد الأول والأخير من التطورات الدراماتيكية في سوريا وما يدعوا للقلق هو ذلك الصمت الرهيب للأنظمة العربية الرسمية والذي ليس له تفسير سوى الخيانة والانبطاح للكيان الإسرائيلي ومباركة مشروعة في المنطقة. وفي كل الأحوال نحن اليوم نشهد بداية عملية لسايكس بيكو جديدة لإعاده تقسيم المنطقة العربية برمتها وهو ما صرح به مؤخرا الرئيس التركي عراب المشروع الصهيوني في المنطقة عندما قال تعليقا على ما يحدث في سوريا (هناك شيء يجري الترتيب له بهدوء في سوريا) وفي نهاية المطاف لن نتفاجأ أن يكون هذا الشيء هو أن يكون الكيان الاسرائيلي عضوا في جامعة الدول العربية وجزءا لا يتجزأ من مكوناتها وأول متطلبات هذه المرحلة هو تصفية كافة دول الممانعة والتي كانت تقف حجر عثرة أمام هذا المشروع وآخرها سوريا التي هي في طريقها إلى المجهول اليوم .
■ عبدالله سعد راشد