تقول العرب من باب الاستعارة التمثيلية تعبيرا على الفوضى وتداخل الأمور وغياب التنظيم والعقانية ، (اختلط الحابل بالنابل) والحابل في اللغة العربية ، هو من يكون في مقدمة الجيش فى المعركة يقود الخيل والنابل هو من يرمي النبل أو السهام و يكون في مؤخرة الجيش ، وعندما تشتد المعركة ويحمى وطيسها ويرتفع الغبار تختلط الأمور ولا يستطيع أحد أن يفرق أو يُعرف الحابل من النابل، فا يُعرف من يقود الخيول ومن يرمي النبل والسهام ، ومن هنا جاء المثل العربي القديم الذي نردده حتى يومنا هذا دون أن نفهم معناه ، وبأنه أيضا ينطبق على ما نشهده من تخبط وفوضى عارمة في المشهد السياسي الليبي ، وما وصلنا إليه من بعثرة ونسف كل جسور التواصل، والمساهمة في مزيد من الاحتقان بين المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد ! وهو نتيجة طبيعية لاحتكار القرار السياسي واختاط الأمور والمفاهيم ، وتوظيفها لخدمة تيار واحد ينفرد بالسلطة ، ويرفض الرجوع إلی الثوابت والمطالب الأساسية للشعب ، والتي تتمثل في بناء وطن مستقل و متطور سياسيا واقتصاديا دون توجيه مسبق لشكل نظام الحكم المراد تأسيسه ، والذي يجب أن تحدده كل مكونات الشعب على مختلف انتماءاتها عن طريق انتخابات نزيهة لأنه حق أصيل من حقوقها الديمقراطية ، فالشعب وحده من يملك حرية اختيار من يحكمه ، وهو من يتحمل مسؤولية اختياراته وتحديد شكل النظام السياسي الذي يراه سواء كان ذلك رئاسيا أو برلمانيا أو مختلطا واختيار دولته التي يرتضي دون تدخل من أية جهة ، فالليبيون وصلوا إلى مرحلة متقدمة من الانقسام السياسي وتمزق النسيج الاجتماعي ، جراء مناخ الشك وانعدام الثقة ، في كل الأجسام السياسية المهيمنة على المشهد ، والتي باتوا ينظرون إليها على أنها تكرس مبدأ المغالبة وفرض الأمر الواقع ، وتغليب الأقلية المستفيدة من الوضع الراهن على الأغلبية المتضررة من هذا الوضع ، وهم بذلك يعتبرونهم جزء من المشكلة ولن يكونوا طرفا في الحل ، وبالتالي يجب علينا أن نبتعد عن الشعارات وتقمص دور الراعي الحريص على رعيته والذي من واجبه أن يرسم لهم مستقبلهم ويحافظ على مدخراتهم ، ويعتبر ذلك حق مكتسب ، وبأنه الوحيد القادر على تحقيق أحامهم .
■ عون ماضي