مخطئ من يظن أن الرجولة تُقاس بيوم أو مناسبة معينة، حتى وإن كان هذا اليوم يُروَّج له ليتسنى لفت الأنظار إلى قضايا الرجل الصحية أو لخلق موجة من التعاطف معه. فإن كانت تلك الأيام تلتقط جزءاً من الصورة،عندما أختاروا لها يوم 19 نوفمبر من كل عام ، فإن الرجولة الحقة لا تقتصر على يوم واحد، بل هي سمة مستمرة تُُحيا في كل لحظة من لحظات الحياة . الرجولة ليست رهنًا بزمن أو مناسبة عابرة، بل هي مواقف تتجسد في السلوك اليومي، في الفترات الصعبة قبل السهلة، وفي التفاعل مع الذات ومع الآخرين. من يظن أن الرجولة تكمن في لحظات استثنائية فقط، فقد أساء الفهم؛ فالرجولة سلوك مستمر ينبع من صدق الإيمان بمبادئ الحياة، ويظهر في جميع الأوقات. الرجولة الحقيقية لا تتعلق بالمظاهر أو القوة الجسدية، بل هي سلوكيات نبيلة وقيم رفيعة، كالصدق، والشجاعة، والإحساس بالمسؤولية، واحترام الآخر. الرجل الشهم هو الذي يقف مع الحق في وجه الباطل، يحترم الناس دون تفريق، يساند الضعيف ويبحث دائمًا عن سبل الخير. إن الرجولة تكمن في الأفعال لا الأقوال. فقد تكون الكلمات زاهية، لكنها تفقد قيمتها إذا لم تُترجم إلى عمل. الرجل الحقيقي هو من يثبت صدق أفعاله من خلال مواقفه، ووفائه في العهود، وشجاعته في التحديات، وحرصه على تقديم العون لمن يحتاج. الرجولة ليست مجرد ادعاء، بل هي التزام راسخ بالمبادئ والأخلاق، حتى في أحلك الظروف. الرجولة هي تجسيد للسند، وعزة النفس، و تحمل المسؤولية. الرجل الحق هو من يكون دائمًا ماذًا للآخرين في لحظات الشدة، يساعدهم دون انتظار جزاء، وتظهر عزة نفسه في احترامه لذاته ولغيره. وهي أيضًا تتحقق في قدرة الرجل على تحمل مسؤولياته في مختلف جوانب الحياة: تجاه أسرته، مجتمعه، وعمله. أما الرجولة في أسمى تجلياتها، فهي التضحية والصمود في المواقف الحرجة. الرجل الشجاع هو الذي يقدم تضحياته في سبيل الآخرين، سواء بتقديم وقته، أو جهده، أو حتى راحته الشخصية. الرجولة تظهر في لحظات الحسم، حين يتعين على الرجل اتخاذ قرارات صائبة، كالوقوف في وجه الظلم، أو الدفاع عن الحق. من يثبت في تلك اللحظات، متمسكًا بمبادئه، هو من يجسد الرجولة الحقيقية التي تتجاوز الكلمات وتترجم إلى أفعال صادقة.الرجولة ليست مجرد يوم، بل هي كل يوم.
■ الدكتور : خليفة العتيري
