يا له من أمر تشفق منه الأنفاس وتعتصر له القلوب، وتهتز له الأبدان. فالفراق صعب مؤلم، وفراق الأحبة أدهى وأمر. إنه الفراق الذي نمقته ونبغضه، نهابه ونخاف منه . فراق يقطع علينا نشوة السعادة، ويحرمنا من أحبائنا. لم يكن الموت وحده من يفرق، فكثير من الأحبة يعيشون حالة فرقة وغربة وابتعاد. وكم من وجوه عرفناها، لضحكاتها ونغماتها، وارتسمت بسماتها في وجوهنا عند اللقاء. وكم من وجوه عشقنا لقاءها، وارتحنا لحديثها، فأمتعتنا وأضحكتنا، وأخرى أبكتنا وحرضتنا ودفعت بنا إلى الأمام. وجوه كثيرة غادرت إلى الأبد، غادرت بدون استئذان، لم تبقَ إلا ذكراها تسكن وجداننا، وصورتها مرتسمة في مخيلتنا، وأعمالها باقية بيننا. رحلوا وكأنهم لم يعيشوا معنا في يوم من الأيام . وآخرون تفرقوا فجأة، وابتعدوا بتدخلات أخرى فرضها الزمن أو القدر، أو عوامل أخرى حاقدة، أو بإحدى منغصات الحياة. الفراق كلمة محزنة مؤلمة، توجع القلب وتترك آثارها وتداعياتها طوال العمر. الكثير من العائلات تفرقت، والكثير من الأحبة انقطع وصالهم . فراق مر كفراق الصحة، والشباب، وكفراق الأهل والأماكن والأوطان. يا له من فراق صادم يقطع سبل التواصل والمودة، في غياب أفواه خيرة تضع على الجراح مرهم الكلمات اللينة، فتعيد للأنفس محبتها المعهودة، وتمد من جديد روابط التواصل التي قطعت وتمزقت. نأمل أن تكون مداخلات حقيقية من أهل الخير تدعو لعودة المحبة إلى القلوب الحزينة، لتتواصل رحلة العطاء الإنساني والاجتماعي.
■ عبدالرزاق يحيى