بوعلام وجدل الأمة الجزائرية
كشفت عملية توقيف الكاتب الفرنسى الجنسية الجزائرى الاصل بوعلام صنصال التى حدثت منذ عدة ايام كشفت زيف إدعاءات حقوق الانسان وحرية التعبير التى يرفعها الغرب وتحديدا فرنسا ، ويبدو أن قضية توقيف الكاتب بوعلام صنصال في الجزائر، التى خلقت جداً سياسيًا عميقًا ل وخلافًا دبلوماسيًا بين الجزائر وفرنسا، ولم يعد النقاش محتدمًا في مواقع التواصل الاجتماعي حول حرية التعبير والتفكير أو متعلقًا بتبني الأفكار المتطرفة فقط، بل تعداه إلى الخطابات الرسمية بين البلدين. فبوعلام صنصال كاتب فرانكفونى اصدر أول رواياته وهو في سن ال 56 من عمره بعنوان “قسم البرابرة” وهو الذى كان مجرد موظف سابق في وزارة الصناعة الجزائرية قبل ان يهاجر الى فرنساوبعد انتظار طويل جدا حصل فى أواخر عمره على الجنسية الفرنسية، فأصبح كاتب “مبجل” لدى اليمين المتطرف الفرنسى وفق وكالة الأنباء الجزائرية، وقد احتفى به الغرب وقام بزيارة الكيان الصهيونى وزار تل أبيب، ووصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وأطلق تصريحات “هجومية” ضد بلده الجزائر ، ومنحته فرنسا أرفع جوائزها الأدبية ، ويبدو انه لم يحسبها جيدا فتاريخه مليء بالمواقف التى تستحق المساءلة وحتى الوقوف امام المحكمة فى بلاده الأصليه ، فبمجرد حصوله على الجنسية الفرنسية اعتقد بوعلام انه فى مأمن من الاعتقال او الملاحقة ، ولكن ما ان وطأت قدماه مطار العاصمة الجزائرية هواري بومدين حتى اقتادته قوى الأمن للتوقيف ، وما ان انتشر خبر توقيفه حتى تحركت الآلة الاعلامية والسياسية الفرنسية ، فقد اعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن “قلقه الكبير”، كما تحركت أحزاب اليمين الفرنسي المتطرف للمطالبة بإطلاق سراحه، وتدخل الاتحاد الأوروبى لمساندة صنصال ، وردت الحكومة الجزائرية بتصريح رسمي منتقدًا بشدة ما ورد من الجهات الفرنسية. فقد ردت وكالة الأنباء الجزائرية على فرنسا بأن ” اتهام الجزائر بمنع حرية التعبير، في الوقت الذي لا يزال فيه الفرنسيون يحتجزون “بافيل دوروف” ، مؤسس تطبيق تيليغرام، المنصة العالمية للتعبير، ما هو إلا تأكيد على هذه المسرحية الشريرة”. وذكرت الوكالة باعتقال الكاتبة الفلسطينية مريم ابودقة التى اعتقلتها السلطات الفرنسية وقامت بترحيلها رغم انها إمرأة مسنة ولكن ذنبها الوحيد هو مطالبتها بحرية الشعب الفلسطينى و التصريح بذلك وإدانة الابادة الجماعية فى غزة ، ويرى متابعون أن بوعلام صنصال لم يكن مختصًا في التاريخ، ولكنه لم يفتأ يطلق تصريحات في وسائل إعلامية فرنسية يناقض فيها الحقائق ويقع في كثير من المغالطات والارتجال، وينسج قصصًا أقرب منها إلى الخيال الأدبي حول الجزائر”. ومن بين تصريحات بوعلام صنصال لوسائل إعلام فرنسية، أن الاستعمار الفرنسي احتلّ الدول التي لا تاريخ لها )يقصد الجزائر(، وقال إن فرنسا لم تستعمر المغرب لأنه دولة لها تاريخ كبير وأقدم دولة في العالم.وبعد ذلك يعود ويعارض نفسه ويقول إن فرنسا اقتطعت بعض الولايات من المغرب بشكل اعتباطي وضمتها للجزائر منها وهران وتلمسان ومعسكر، وهو ما اغضب الجزائر وهللت له المغرب التى تتهم الجزائر بالاستحواذ على مساحات كبيرة من الأراضى المغربية وخصوصا فى محيط مدينة وجدة ، والمناطق المتاخمة للحدود الشرقية للمغرب وربما بسبب تلك التصريحات، أشارت وكالة الأنباء الجزائرية إلى أن بوعلام صنصال وقع في تصريحات معادية للجزائر وصلت إلى حدّ “إنكار وجود الأمة الجزائرية”، كالتى قالها ماكرون ، وصنصال )75 سنة( سبق وأن صنع جداً كبيرًا في الجزائر بزيارته للأراضي ل الفلسطينية المحتلة كضيف شرف في معرض صهيوني للكتاب للترويج لروايته وعنوانها “قرية الألماني” بالفرنسية )2008(، والتي اعتبرت مسيئة للثورة الجزائرية ومعادية لها ، وقد أشعل موضوع بوعلام الخلاف والجدل بين الفرانكوفونيين وجماعة الحراقة وبقايا مجندى فرنسا والمتعاونين معها أيام حرب التحرير الجزائرية وفى سياق الجدل الدائر حول حرية التعبير في فرنسا ودفاعها عن بوعلام صنصال بينما فى ذات الوقت كانت السلطات الفرنسية تعتقل رموز تناضل من أجل الحرية ، ولذا قال مثقفون جزائريون ان فرنسا لا يحق لها التنديد باعتقال بوعلام صنصال، خاصة من زاوية حقوقية، لان الحقوق جزء لا يتجزأ ولم تذكر السلطات الجزائرية الرسمية أسباب توقيف الكاتب غير أنّها لمّحت إلى تصريحات سابقة له معادية للجزائر وصلت إلى حدّ “إنكار وجود الأمة الجزائرية”. ووصفت وكالة الأنباء الجزائرية صنصال، بانه دمية التيار التحريفي المعادي للجزائر”. واعتبرت الضجة التي رافقت توقيفه ب”الكوميدية”والدليل الإضافي على وجود تيار “حاقد” ضد الجزائر. وأكملت أنّه “لوبي لا يفوت أي فرصة للتشكيك في السيادة الجزائرية”. مضيفة أنّ توقيف بوعلام صنصال “المثقف المزعوم المبجل من قبل اليمين المتطرف الفرنسي”، وفقها، أيقظ “محترفي السخط إذ هبت الأسماء المعادية للجزائر والمؤيدة للصهيونية في باريس هبة رجل واحد للدفاع عن هذا المحترف للتزييف والذي وقع في شر أعماله.” وذكرت بأنّ “هذا اللوبي الحاقد قد مر بأسبوع سيء فيجب تفهمهم. أواً،ً ان أحد ل رموزهم ، وهو كمال داود، قد ضبط متلبسا باستغلال معاناة ضحية للإرهاب في الجزائر من أجلك الحصول على جائزة “غونكور”، ثم جاء الدور على صديقهم مرتكب الإبادة الجماعية، “نتنياهو”، الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية من قبل المحكمة الجنائية الدولية وأخيرا، تم توقيف الكاتب الآخر “غاليمار” وريث دار النشر المشهورة فى باريس التى وكلت محامى للدفاع عن صنصال، في خضم هيجانه التحريفي.” وأشار تقرير الوكالة إلى أنّ “الكاتب “واسيني الأعرج” كان قد اتهم صنصال بسرقة عنوان وقصة رواية “2084 نهاية العالم”. واعتبر المصدر بأنّ “فرنسا في عهد ماكرون ليست غريبة عن التناقضات، فهذا الرئيس الذي يتحدث عن “جرائم ضد الإنسانية” في الجزائر بخصوص الاستعمار الفرنسي، ويقر بالاعتراف التاريخي باغتيالات دولة طالت علي بومنجل وموريس أودان والعربي بن مهيدي، ويقوم بتكليف سفيره بوضع إكليل من الزهور على قبر شهيدنا، هو نفسه الذي يدافع عن منكر يشكك في وجود الجزائر، واستقلالها، وتاريخها وسيادتها وحدودها ،وختمت الوكالة مقالها بالقول: “في نهاية المطاف، ومع كل موجة عداء ضد الجزائر، تتهم باريس الجزائر بكل الشرور، بينما تتصرف الجزائر دائما وفقا لمبدأ الثبات. إن اتهام الجزائر بمنع حرية التعبير في الوقت الذي لا يزال فيه الفرنسيون يحتجزون بافيل دوروف، مؤسس تطبيق تيليغرام، المنصة العالمية للتعبير، ما هو إلا تأكيد على هذه المسرحية الشريرة، التي لا يعد فيها صنصال سوى الدمية المتحركة ،ومن جانبه عبر المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا في تدوينة عن “دعمه لبوعلام صنصال، المعتقل في الجزائر”. وطالب ب”الإفراج الفوري عنه.”وهكذا يتناغم اليمين الفرنسى والاوروبى ورموز الاستتمار مع الصهاينة فى الدفاع عن من يذهب لمحمياتهم وينسلخ عن أصله ، وذلك مصير المرتزقة ، إننا مع الحرية وحرية التعبير لكننا ضد الهدم والعمالة وتسفيه الأوطان وتاريخها .
■ د ابوالقاسم صميدة