عرّف المفكر الفرنسى جارودي الصهيونية بكتابة (الأساطير المؤسسة الاسرائيلية) بثلاثة مفاهيم هي :
1 – أنها عقيدة سياسية نشأت منذ عام 1896 حيث ارتبطت بالحركة السياسية التي أسسها (يتودور هرتزل) .
2 – تعتبر عقيدة قومية لم تولد من اليهودية بل من القومية الأوروبية بالقرن التاسع عشر حيث يقول مؤسسها هرتزل بأن الأرض المقدسة لاتهمه ونقبل بأوعندا أو طرابلس أو قبرص أو الأرجنتن أو موزمبيق أو كونغو ولكنه في الأخير يعي بأهمية الأسطورة القديمة باعتبارها حقيقة تاريخية عندما قال : إن فلسطين وطننا التاريخي الذى لاينسى… وأن هذا الأسم وحده سيظل صيحة لم الشمل القومية لشعبنا.
3 – الصهيونية عقيدة استعمارية وهذا مالاتخفيه (هرتزل) … تلك هى الخصائص الثلاث التي توضح أهداف الدولة اليهودية التي أسسها (هرتزل) وتبعا لخطته وذلك إبان أعقاب الحرب العالمية الثانية ، ولكن هذه العملية لم تكن بأي حال من الأحوال امتداداً للديانة اليهودية والدليل عن ذلك هو انعقاد مؤتمر (مونتريال) في أمريكا عام 1897 الذى جاء ليعارض قرارات (بازل) وذلك بوجود تعارضا جدريا بين القراءتن … القراءة الروحانية للديانة اليهودية والقراءة السياسية والقبلية الصهيونية لهرتزل … ومما جاء في قرارات مونتريال المعارض لهرتزل إننا نعارض ونشجب تماما أية مبادرة لإنشاء دولة يهوية ونؤكد أن هدف اليهويدية ليس هدفا
سياسيا ولا قوميا ولكن روحيا ، وهذه المعارضة للصهيونية السياسية مافتئت تعبر عن نفسها إلى وقت إعقاب الحرب العالمية الثانية حيث لم تفلح الصهيونية بتكميم أفواه اليهود الروحانين مثل (مارتن بوبر) وهو من الأصوات اليهودية الكبرى الذى لم يتوقف طوال حياته وحتى موته عن شجب وانح ال الصهيونية الدينية وارتكاسها إلى الصهيونية السياسية … وقبل موته قال( مارتسن بوبر) عندما كان بعض اليهود يعيشون بفلسطين كانت العلاقة بينهم طيبة وهذه المرحلة العضوية من الاستيطان في
فلسطين استمرت حتى عصر (هلت) الذى دفع بجموع اليهود إلى الذهاب لفلسطين. الصهيونية والنازية وجهان لعملة واحدة
يقول المفكر الفرنسي جارودى في كتابة «ملف إسرائيل» بأنه ليس هناك فارق بين النازية والصهيونية فكلتاهما يقوم على التوسع العسكرى إلى غير حد فالإسرائيليون يؤمنون بضرورة شن الحروب الوقائية بهدف تدمير العرب وتوسيع رقعة الأرض التي يقومون باحتلالها لإقامة (إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات) ويضيف جارودي قائ ا بأن حرب الخلية قد تم التخطيط لها من قبل الاستعمار والصهيونية منذ وقت طويل وإنها لن تقف عند حد تشتيت العراق بل إنه يهدف إلى تمزيق سوريا ومصر والسودان وبقية العالم العربى إلى دوي ات طائفية (وكانتونات) وهو مايجرى اليوم علما بأن هذه المعلومات تسربت خلال الفترة التسعينات . اسرائيل ظاهرة استعمارية عنصرية وعن عنصرية إسرئيل قال جاوردي بأن إسرائيل تعتبر من أعمق الظواهر الاستعمارية في العالم الحديث والقديم حيث تقوم سياستها على التوسع وضم الأراضى المجاورة وتهجير أصحابها بالقوة وطردهم قسريا . وفي هذا السياق ينقل جارودى فقرات من خطاب أرسله الصهيونى (دافيد تريتشى) إلى (هرتزل) بتاريخ 29 اكتوبر 1899 وذلك بعد انقضاء المؤتمر الصهيوني العالمي بقليل حيث يعبر فيها بوضوح تام عن المنطق الباطني
للصهيونية في سياستها الخارجية والتي جاء بإحدى فقراتها ) أود أن أقترح عليكم أن تعدلوا من وقت لآخر برنامج فلسطين الكبرى إسرائيل الكبرى( قبل فوات الأوان … كان ينبغى أن يتضمن برنامج (بال) (ككلمات فلسطين والأراضى المجاورة) لأنه من غير ذلك يصبح البرنامج معنى فأنت لاتستطيع أن تأوي عشرة ملاين يهودي فوق أرض مساحتها خمسة وعشرون ألف كيلو متر مربع فقد علق جارودى على هذا الاقتراح بقوله : إن مبدأ الصهوينية ذاته غالبا ماينادي بتحويل اليهودية من دين إلى شعب وإلى دولة باعتبار يهود العالم بأسره أصل هذا الشعب والنضال لدفعهم إلى العيش في هذا الدولة . ومن أجل تحقيق هذه الاستراتيجية خاضت(إسرائيل) سلسلة من الحروب التوسعيه لكي تحصل على مجال حيوي وهو شعار صنعه (هتلر) وتاريخ كل الاعتداءات الإسرائيلية على أراضي البلدان العربية. ويأتي كل ذلك نتيجة للأزمة الصهيونية السياسية التي تعاني منها. (الصهيونية والنازية لون واحد) المتتبعون لتاريخ الصهيونية والنازية لم يلاحظوا وجود فارق في سياستهما إلا في مسألة
شكلية فكلتاهما يقوم على التوسع العسكرى إلى غير حد ولكن أيدلوجية تبرير الصهيونية لاتنصب فقط على أسطورة العرق ، كان هتلر يقول … كل أرض يعيش فوقها أريون يجب أن تعود إلينا … وبواسطة أسطورة (إسرائيل الكبرى) (أرض الميعاد) وعن طريق قراءة انتقائية مغرضة للكتاب المقدس لايكلف الاسرائيليون عن تبرير سياستهم التوسعية واعتداءاتهم وضمهم للأراضى باسم تلك الخرافات ومن الأمثلة عن ذلك : قول (الأرهابي) (موشي ديان) في شهر غسطس 1967 ..إذا كنا نملك التوراة وإذا كنا نعتبر أنفسنا شعب التوراة فيجب أن تكون لنا أيضا أرض التوراة واستناداً إلى مثل تلك المبادئ تصبح الحدود مطاطية غير تابثة. وكذلك ماجاء بمذكرات الصهيوني (بين جوريون) بمذاكرته مستشهدا بالإع ان الأمريكي للاستقلال قائ ا لايوجد به أي ذكر لحدود أراضيه ونحن لسنا بملزمن بتعين حدود للدولة ، وهذا الاستشهاد بأمريكا له دلالة معينة فقد ظلت حدود أمريكا غير ثابتة لمدة قرن من الزمان وكانت تتحرك كلما تقدم الأمريكيون في قتل اليهود الحمر والاستيلاء على أرضهم ولم يتوقفوا إلا بعد بلوغهم المحيط الهادي . ويضيف قائ ا : (بن جوريون) وبكل صراحة ووضوح ليست المسألة مسألة احتفاظ بالوضوع الراهن ، فعلينا أن نقيم دولة غير متجمدة دولة ديناميكية تتجه إلى التوسع » وجاء التنفيذ العملي مطابقا لتلك الطريقة بالاستيلاء على الأرض وطرد من عليها هي شريعة الغاب التي طبقتها الدولة الصهيونية اقتداء بمافعلته أمريكا مع الهنود الحمر منذ
البدء بسبب طبيعة تكوينها فقرار التقسيم الذى إصدرته الأمم المتحدة لم تحترمه إسرائيل قط، ومنذ صدوره بتاريخ 29 -نوفمبر 1947 – وانتهاء الانتداب البريطاني استولى الارهابيون الصهاينة على أرض كانت للعرب وفقا لهذا التقسيم مثل يافا وعكا وعندما تدخلت الدول العربية لحماية الفلسطينين مثل القتل الجماعي الذى حدث بمذبحة دير ياسن يوم 9 إبريل 1948 كما يحدث الآن بغزة وبقية المدن الفلسطينية إنتهز الصهاينة الفرصة وضموا المزيد من الأراضى الفسطينية إضافة إلى نسبة
56 % من أرض فلسطين التي خصصتها الأمم المتحدة من الأراضي الفلسطينية لإسرائيل ومع نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح الصهياينة يحتلون 80 % من فلسطين . (خرافات صهيونية إسرائيلية) هناك العديد من الخرافات التي صنعها الاسرائيليون مثل … داوود الاسرائيلى الصغير أمام العم اق جوليات العربى … وهي أسطورة يحاول بها الصهاينة استثارة عطف الرأي العالم العالمى بمعنى أن هذا الشعب الصغير المهدد في أمنه ووجوده فهذا الكلام من الإشادة ببطولاته العسكرية التي يخوضها ضد العرب دون أن يلمع أو يشير إلى أن جيش هذا الشعب الصغير يملك الآن قوة عسكرية تفوق مالدى العرب جميعا كما وكيفا من س اح بما في ذلك الس اح النووي … وخلال عام 1948 جاء فيها بأن قوات مصر وسوريا والأردن ولبنان وإيران مجتمعة لم يتجاوز عدد جيوشها 22000 جندي مقابل 65000 جندي لاسرائيل وحدها … وضمن هذا السياق نشرت صحيفة (نيويورك تايمز عام 1964 حديثا) (بن جوريون) وكان ذلك الوقت متقاعدا جاء فيه بالقول لو أن ديان كان
قائدا للجيش إبان حرب 1948 لكانت أرض إسرائيل أكثر اتساعاً … وقال أيضا الجنرال (ألون) الذي تولى العديد من القيادات إبان
حرب 1948 بأنه عندما أصدر رئيس الوزراء ووزير الدفاع )بن جوريون( قراراً بإيقاف تقدم الجيوش(الاسرائيلية) استجابة للضغط الذي مارسه عليه الرئيس (ترومان) لكانت الجيوش الصهيونية قد بلغت الليطاني شمالا حتى صحراء سيناء في الجنوب الغربي ولو استمر القتال أياما أخرى لتمكنا من تحرير البلاد بأكملها ولايعني هذا بأن (إسرائي) تغاضت عن حربها للعرب ولكن هو عبارة عن تأجيل توسعها إلى حين الوقت المناسب فعندما قرر الرئيس جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس ، اعتبرت
(إسرئيل) خطوة عبدالناصر هذه فرصة سانحة لتحقيق خطوة توسع جديدة للحصول على مزيد من الأراضى فتحالفوا مع بريطانيا التي كانت تشرف على تسيير الحركة بقناة السويس وكذلك مع الحكومة الفرنسية التي كانت آنذاك في حرب مع الجزائر التي رأت في ذلك فرصة لضرب زعماء حرب جبهة التحرير الجزائرية وحليفتهم مصر وقد تم تنسيق العملية بفرنسا التي خطط لها (موشى ديان وشيمون بيريز) وكذلك شارك في التخطيط الجنرال الفرنسي (شال) وهو أحد القادة الفرنسيين الذين
قامو ا بضرب الشعب الجزائرى إلا أن التدخل الأمريكى والروس عارض الهدف الاسرائيلي الأمر الذي تم به إيقاف الحملة فكان الأمر كذلك ، ومع هذا بقى (مشروع إسرائيل الكبرى) كما هو إلى وقت آخر ، ولكن الصهيوني مناحين بيجن لم يرضه التدخل من الدولتن فكتب بإحدى الصحف الاسرائيلية قائ اً : (أرض إسرائيل ستعود لشعب إسرائيل كاملة وستبقى
أرضه وإلى الأبد) .
* إعداد : عثمان اسماعيل