إذا أزحت حجرا من مكانه في ليبيا لوجدت تحته برنامجا من برامج الرفع من مستوى الوعي من فرط التقديم والعطاء في هذا المجال او الميدان، ومع كل ذلك إذا نظرت إلى مؤشرات الوعي في الواقع فستجدها تشير الى مستويات متدنية جدا وفي كل المجالات !المشكلة ليست في الوعي أبدا ولا يمكن أن تكون كذلك .. من منا _ على سبيل المثال _ لا يعلم أو لا يعرف أو لا يعي بأن الإلقاء بقمامات المنازل على قارعة الطريق يعد سلوكا غير حضاري ويساهم في تلوث البيئة ويسيء إلى (المنظر) العام للبلاد؟! ومن منا لا يعلم ولا يعرف ولا يعي أن الوقوف بانتظام في الطابور يأتي في مقدمات السلوك الحضاري المنافي للفوضى ؟ يستحيل أن يكون هناك شخص واحد في المجتمع لا يعرف ذلك جيدا، ولكن مع ذلك (شوف الواقع) !. المشكلة ليست في الوعي أو في مستوى الوعي، وإنما هي في مدى القدرة ومدى توافر الإرادة التي تتجه بالفعل نحو تطبيق هذا الوعي .الوعي لا يُطبق بشكل آلي بحيث أنه بمجرد ما نصل إلى درجة الوعي بكيفية التعامل مع أية مسألة حتى نجد أنفسنا قد انتقلنا « اوتوماتيكيا »إلى تطبيقها وكما ينبغي ويجب .الوعي يحتاج إلى تطبيق والتطبيق يحتاج إلى قدرة على التطبيق والقدرة تتطلب إرادة ونية صادقة، وهنا يكمن جوهر المشكلة لمن أراد المعالجة .هناك عوامل كثيرة منها الداخلية الكامنة في نفس الفرد (بداخله) كالكسل عندما يتطلب تطبيق الوعي درجة معينة من النشاط ، والبذل عندما يتطلب التطبيق البذل والعطاء ، والمصلحة الخاصة عندما يتعارض التطبيق مع تحقيق المصالح الخاصة .. الخ، وهناك أيضا العوامل الخارجية الآتية من عالم الميتافيزيقيا والماورائيات (ما وراء المنظورات والمحسوسات) وفي مقدمتها الشيطان القائد الأعلى لكل القوى السالبة على الأرض والمشرف الأول على كل برامج التقاعس والسلب والفساد .. وقد يقول قائل فما بال الغرب والأوروبيون بالذات وكأنهم لا يتأثرون بكل هذه العوامل أم أن لهم المناعة والحصانة ونحن ليست لنا ؟! الدندنة حول هذا التساؤل هي التي ستكون محور حديثنا في الأسبوع القادم إن شاءالله .
■ عياد عبيدالله المقري