النشاط المدرسي .. وسائل وأهداف
من المعروف حديثا أن مهمة المدرسة لا تنحصر في حشو أذهان التلاميذ بالمعارف النظرية فقط أو تقديم منهج معتمد من وزارة التربية والتعليم لابد من إنجازه في حيز زمني معين، ولكن للمدرسة رسالة أبعد من ذلك بكثير إذ لم يعد دورها مقتصرا على منهج نظري لا هدف للتلميذ من ورائه سوى أداء الامتحان ليمضي بعدها كل ما تلقاه من دروس نظرية إلى زوايا النسيان . المدرسة رسالتها أوسع وأشمل من ذلك بل بناء أجيال المجتمع وإعدادهم للحياة ليكونوا عناصر فاعلة في مسيرة تقدمه وتميزه .. ومن هنا وجب على المدرسة أن تهتم بالجوانب العملية للمنهج من خلال ربط الدراسة النظرية بالنشاط المدرسي الذي يترجم ما تلقاه التلميذ من المنهج إلى سلوك عملي يعزز قدراته ويكشف عن مواهبه ويصقل شخصيته ..وبناء على ذلك فإن النشاط المدرسي جزءا مهما وجوهريا في الارتقاء بالعملية التعليمية باعتبار أن النشاط المدرسي هو كافة الأنشطة التي تتاح للتلميذ القيام بها ليكتشف من خلالها ميوله ورغباته وهواياته وجوانب إبداعه التي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر مجموعة من الأنشطة لإثراء خبرته وتمكنه من اكتساب مهارات جديدة بما يحقق نموا سليما للجسم والذهن معا وإمداد المجتمع بعدد من الكفاءات القادرة على المساهمة في إدارة مؤسسات الدولة ومرافقها بعناصر متسلحة بأفكار نيرة وصولا إلى هدف تطوره . لا يمكن أن تكون المدرسة ناجحة في أداء مهمتها ما لم يتم الاهتمام بالنشاط المدرسي على أن تكون محاوره مخطط لها بأسلوب علمي يستجيب لميول التلاميذ ويحقق رغباتهم في الكشف عن قدراتهم الجسمية والذهنية ولتحقيق ذلك فإنه لا يمكن الفصل بين المنهج التعليمي والنشاط المدرسي فكليهما متمم للآخر ولا يمكن لأحدهما أن يصل إلى أهدافه في وجود إهمال للجزء الآخر .. وللتدليل على أهمية النشاط المدرسي فإنه يمكن القول إن النشاط المدرسي هو جملة الأنشطة التي تلبي حاجات التلميذ النفسية والجسدية وتعمل على اكتشاف مواهبه وتطويرها إلى الأفضل وتعزيز ثقة التلميذ بنفسه دافعة إياه إلى التفوق وخلق ارتباط وثيق بمدرسته مما يجعله متميزا ومتفوقا عبر زيادة رغبته في التعلم وإضافة إيقاع جديد لليوم الدراسي يخرجه من رتابة المنهج والدراسة النظرية وهما ما تؤديان في أغلب الأحوال إلى كراهية التلميذ للمدرسة ودفعه للهروب منها . منذ زمن مضى كان معظم أولياء الأمور يعتبرون النشاط المدرسي مضيعة للوقت أو وسيلة لإلهاء التلاميذ عن دروسهم وهو ما يناقض حقيقة النشاط المدرسي التي تنطلق من جملة برامج مختلفة ومتنوعة تهدف إلى تحقيق أهداف تربوية وتعليمية تنمي شخصية التلميذ وتمكنه من تمضية أوقات فراغه فيما يفيد باعتبار أن النشاط المدرسي محور التلميذ وهدفه أيضا إذ أن كل أنواع النشاط المدرسي تعمل على إشباع حاجاته النفسية والجسدية ومن هنا كانت محاور النشاط المدرسي مختلفة ومتنوعة تلبية لمواهب التلميذ وهواياته منها النشاط الرياضي الذي يشمل جميع الأنشطة الرياضية المختلفة وسنجد أن عبر هذا النشاط اشتهر الكثير من الرياضيين الذين وصلوا إلى مستويات عالمية كان منطلقهم الأول النشاط المدرسي بمؤسساتهم التعليمية تتهافت الأندية والمؤسسات الرياضية على ضمهم إليها متكبدة في سبيل ذلك ملايين الدولارات؛ كما أن الأنشطة الثقافية التي تجمع الأدب والكتابات السياسية والصحافة والإعلام جلهم ممن تم اكتشافهم عبر الصحافة المدرسية والكثير منهم يحتل الآن مكانة متميزة يقرأ انتاجهم الملايين من القراء .. كما أن الكثير ممن مارسوا الأنشطة الفنية مثل الرسم والمسرح والتصوير والموسيقى والغناء أصبحوا نجوما بالسينما وممثلين بالمسرح يشار لهم بالبنان ةبرزوا من خلال مشاركتهم في النشاط المسرحي بالمدارس والكليات التي درسوا بها . ولعله من الجدير بالذكر أن الكثير من الفنانين في مجال الطرب بليبيا قد تم اكتشاف مواهبهم من خلال النشاط المدرسي والمسابقات الفنية التي كانت تقام بين المؤسسات التعليمية .. ومن هنا كان لزاما على وزارة التربية والتعليم الاهتمام بالنشاط المدرسي لأنه الوسيلة العملية للكشف عن القدرات الكامنة في نفوس التلاميذ والعمل على رعايتهم وتشجيعهم ليشاركوا في نهضة بلادهم الأدبية والرياضية والفنية وليسهموا في إثراء مسيرة مجتمعهم ..وعلينا أن ندرك جميعا أن للنشاط المدرسي إمكانيات علينا توفيرها ..وأهداف يجب أن نحرص على الوصول إليها.
■ عبدالله مسعود ارحومة