الإنذار السوفيتي
بداية قصة هذا الإنذار كان في العام 1955؛ عندما قرر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ، بناء السد العالي لإحداث طفرة في الزراعة في مصر ، و قد تعهدت بريطانيا وأمريكا في شهر يناير 1956 بالمساعدة في تمويل هذا المشروع بالإضافة إلى قرض من البنك الدولي .. لكن بسبب قرار أنتوني إيدن رئيس وزراء بريطانيا ذاك الوقت بالتراجع عن تعهده بتزويد مصر بالأسلحة ، قام جمال عبد الناصر بشراء طائرات و دبابات و أسلحة أخرى سوفيتية الصنع ، مما أثار حفيظة الغرب .بتاريخ. 1956٠07.19 أبلغ وزير الخارجية الأمريكي «جون فوستر دالاس « السفير المصري في واشنطن قرار حكومته عدم المساهمة في تمويل مشروع السد العالي ، و كذلك فعلت بريطانيا و أيضا» البنك الدولي ، و كرد فعل على هذه القرارات ، قام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس في 1956٠07٠26، وكانت بريطانيا تمتلك %44 من أسهم الشركة العالمية لقناة السويس ، و كانت تتولى إدارتها مع شركائها الفرنسيين ، و كان غضبهما كبيرا ، كيف يتجرأ رئيس دولة من العالم الثالث بتحديهم و هما الدولتان العظيمتان ، سيدتا العالم الحر و حاميتا حمي الديموقراطية ، وتفتقت عقليتهم الإجرامية على مؤامرة بمساندة شريك ثالث أكثر شرا و جشعا منهما ، إسرائيل .في 1956٠10٠22 اجتمع رئيس وزراء إسرائيل بن غورين مع وزيري الخارجية والدفاع الفرنسيين وكذلك وزير الخارجية البريطاني سلوين لويد في ضاحية سفر بباريس ، هذا الاجتماع الذي انبثق عنه بروتوكول سفر ، حيث تم الاتفاق على أن تقوم إسرائيل بالهجوم على مصر و بعدها تقوم فرنسا و بريطانيا باحتلال منطقة قناة السويس بحجة حماية القناة و الفصل بين الأطراف المتحاربة، وكانت مكافأة إسرائيل نظير ذلك ضم صحراء سيناء .في 1956٠10٠29 بدأت إسرائيل هجومها على مصر ، وفي اليوم التالي من الهجوم أصدرت فرنسا وبريطانيا إنذارا للمتحاربين لوقف القتال فورا ، وفي يوم 5 . 11 بدأت الدولتان هجموهما بقصف جوي على القوات الجوية المصرية تبعت ذلك عمليات إنزال في بورسعيد و بورفؤاد ، وقد واجهت هذه القوات مقاومة أسطورية بشكل خاص في بورسعيد .بن غورين أعلن في وقتها أمام الكنيست « أن الجيش الإسرائيلي غزا سيناء و التي كانت جزءا من مملكة سليمان التي امتدت من جزيرة تيران في البحر الأحمر إلى تلال لبنان ،وأن جزيرة تيران أصبحت مرة أخرى جزءا من مملكة إسرائيل ،لكن الفرحة لم تتم ، حيث كان للاتحاد السوفيتي رأي آخر .بعث المارشال بولجانين رئيس مجلس الوزراء و وزير الدفاع الروسي إنذاره الشهير و الشديد إلى الدول المعتدية ، مهددا بضربهم بصواريخ تحمل رؤوسا نووية ، كذلك صرح رئيس الاتحاد السوفيتي ، نيكيتا خرتشوف دعمه لمصر وأن بلادهستحارب معها ، مهددا مرة أخرى بقصف البلدان المعتدية ، الأمر الذي سيؤدي إلى مواجهة مع أمريكا واندلاع الحرب العالمية الثالثة . عم الذعر في هذه الدول ، بعد منتصف ليلة 11٠5 طلب سفير إسرائيل في واشنطن أبا إيبان مقابلة وزير خارجية أمريكا و سأله إذا كان الروس يعنون ما يقولون في إنذارهم أم هو مجرد تهديد لن ينفذ ؛ لا أعلم .. أجاب الوزير ؛ لا أحد يستطيع التنبؤ بما قد يفعلونه؛ قد يكون تهديدا فقط وقد يكون قرارا سيتم تنفيذه . خوفا لا قناعة ، انسحبت جميع القوات المعتدية يوم 12٠23 ، تجر اذيال الفشل ، و كان هذا الحدث بداية.
■ فايز حليم