غوركا ومن على شاكلته كمن يحرثون في البحر
تطالعنا وسائل الإعلام الغربيه بين الفينة والأخرى بمشروعات وتصريحات مستمرة، تعكس في ظاهرها أحلام يقظة لسياسيين لا يدركون الجغرافيا والديموغرافيا والجيوسياسية لبلادنا. يظهر أن العديد من الساسة الغربيين يعانون من جهل مطبق، أو ربما لم يطالعوا التاريخ القديم والمعاصر لبلد اسمه ليبيا، بلد يمتد تأثيره عبر القارة الأفريقية، حاملاً معه شهرة واستقرارًا لا يمكن إنكاره .. وما زاد الطين بلة جهلهم بالتاريخ الإنساني العميق الذي نشأ في هذه الأرض، التي مرت عليها حضارات وثقافات متعددة، من الرومان والإغريق وصولاً إلى الحضارة العربية الإسلامية. ومن بين هؤلاء الساسة يأتي مثال واضح: “غوركا”. هو أحد الساسة الأمريكيين ذو الاتجاه اليميني الذي وضع خريطة لمخطط تقسيم بلادنا على منديل ورق، في مشهد مرعب، معتقدًا أن تقسيم ليبيا هو الحل الوحيد لما يعتبره “مشكلة الخلافات السياسية بين الليبيين” وهو متمسك بهذه الفكرة حتى يومنا هذا، منذ شهر أبريل عام 2017. يسعى غوركا، كلما سنحت له الفرصة، إلى الحصول على منصب كممثل لحكومته في ليبيا المقسمة وفق هواه إلى ثلاث دويلات، من خلال تقديم هذا المخطط الذي يقسم ليبيا إلى ثلاث دول. تناسى غوركا وغيره أن ليبيا واحدة، تاريخيًا وجغرافيًا وسياسيًا واجتماعيًا. ليبيا دولة ذات سيادة، وجودها ضارب في أعماق السنين، حاضرة بتقاليدها العريقة وماضيها الموغل في القدم. لقد واجهت ليبيا كل الأطماع الخارجية عبر التاريخ، وما زالت صامدة حتى اليوم. أقول للسيد غوركا ومن على شاكلته بكل صدق: “كمن تحرثون في البحر.” إذا ظننتم أن الليبيين، مهما اختلفوا فيمابينهم أو تعددت مشاربهم السياسة، سيقبلون بالتفريط بذرة من تراب وطنهم الغالي أو التنازل عن سيادتهم، فإنكم تحرثون كمن يحرث في البحر وليبيا بلد عصي ولا يقبل القسم إلا على نفسه في أوهامكم كما تحرثون في البحر.
■ ا. د محمد شرف الدين الفيتوري