ينتابنا الأسف عند عقد مقارنة ولو بسيطة بين الجذور التاريخية لتأسيس إذاعات العالم وإعلامه، كل العالم ! وعظمة استمرار بنيان مؤسساتها مسارا من الزمن ، من واشنطن حتى نواكشوط، مع زمن تأسيس راديوهات وتلفزيونات وجرائد ليبيا، فنجد تاريخا مهشما مبتورا، حَبت فيه كل الصحف والإذاعات والفضائيات ولم تقدر حتى على تبديل أولى الخطوات في سلم الاستمرار والبقاء، فسلاح التأميم والقفل والإلغاء عادة مايكون جاهزا ومباغتا لها ومانعا لأي بقاء، والعلامة الفارقة على جبين سِفر وسائل الإعلام الليبية، الإيقاف والانقطاع والمصادرة والاستبدال والتغير والتهميش وعدم الانتظام والقفل ذلك ديدنُها عبر كل فترات التاريخ، الصحف الليبية كما الإذاعات تعيش لحظات الولادة والانتعاش ثم تنتقل إلى الموت السريع، دون حتى محاولات انقاذ التراكم المعرفي المقطوع والمشوه الذي قدمته هذه الوسائل هو من شكل ضمير ووعي ووجدان هذا الوطن الذي يعيش زمن التطاحن بين أبنائه . أكثر من 200 عام عمر الصحافة والإعلام الليبي، لكنهما يتمسكان ويحافظان بإصرار غريب على البقاء في الصفوف الأخيرة. الإعلام الليبي فيما يبدو وحده فقط عربيا ودوليا من عاش حالة التفرد هذه، وتجربة إصدار قرار الإنشاء والتأسيس، ثم سرعة قرار التأميم والقفل والإلغاء والوسواس القهري لكافة مؤسساته دون استثناء. لم نجد عنفوان هذه التجربة تجربة الإلغاء في دولة مصر ولا لبنان مثلا، ولاحتى تونس أو المغرب . إننا فعلا بحاجة ملحة إلى Role models . قدوة ونموذجا لمؤسسة إعلامية وطنية تقاوم آثار الزمن وتقلباته وتصمد وتبقى دون توقف. هل كل ماحدث لمؤسسات الإعلام في ليبيا مصادفة أم قصدا وساقته الأقدار إلينا ؟! وهل نحن أعداء تراكم أحداث التاريخ ؟!
■ الدكتور : عادل المزوغي