مقالات

المجتمع الحضاري يقاس بثقافته

الثقافة ليست ترفا ولكنها ضرورة .. وأيضا ليست نشاطا ثانويا يمكن الاستغناء عنه أو اهماله أو التقصير في تأكيد اهدافه والوصول به إلى غاياته .. بل هي نشاطا جوهريا ينبغ من ذات الانسان بالرغبة في المعرفة ليصل إلى هدف بناء الانسان الواعي بحقائق الحياة والمدرك لطبيعة دوره في مجتمعه .. إن المستوى الحضاري لأي شعب يقاس بمدى ثقافته فكلما كانت الحكومة حريصة على دعم وسائل الثقافة كان مستواه في سلم الحضارة الانسانية متقدما وإذا أهمل أي مجتمع العمل على تجذير قيمه الثقافية تراجع وبشكل مخيف عن مسار ركب التقدم والتطور .. ومن هنا يأتي دور الحكومات في الاهتمام بالثقافة من منطلق إنها تعكس هوية الشعب ومحتوى ذاكرته وقديما قيل (إنسان بلا ثقافة كشجرة بلا ثمر) فالثقافة هي كل ما يبقى في الذاكرة بعد أن ينسى الانسان كل ما تعلمه في المدرسة تأكيدا على دورها في تشكيل وجدان الانسان لينطق بها لسانه معبرا عن هويته وانتمائه .. المثقف هو من يعمل على تطوير المجتمع بتبصيره بدوره في معترك الحضارة من خلال تقديمه لأفكار نيرة تساهم في تطوير حياة مجتمعه .. ولا يمكن خلق مناخ ثقافي ينال كل فرد من أبناء المجتمع نصيبا وافرا من الثقافة إلا عبر تطوير وسائلها وتنويع مصادرها وهو ما يدخل ضمن واجب الحكومة اتجاه شعبها وحق المواطن على حكومته في توفير سبل الثقافة وتيسير الحصول على المعرفة وصولا إلى الفرد المثقف والمجتمع المستنير القادر على كل عضو فيه على الاطلاع الواسع على مختلف فروع المعرفة لينمي بداخله موهبة القراءة المتنوعة .. وللثقافة دور في بناء المجتمع لأنها تعمل على تكريس مبدأ التعايش السلمي بين أفراده ومكوناته وخلق قيم وعلاقات صحية تقوم على الاحترام المتبادل والرفع من قيمة أفراده .. كان لزاما علي أن أكتب ما تقدم بعد اطلاعي على خبر تكريم معالي وزيرة الثقافة لعدد من الكتاب والأدباء ..وانقل من موقع مركز البحوث والمعلومات فرع الحوامد مقتطفات من كلمة وزيرة الثقافة منها قولها إن وزارة الثقافة هي الحاضن للكتاب والمثقفين ..وإنهم أهم أدوات الارتقاء بالمشهد الثقافي .. وورد أيضا في نفس الموقع اشارة وزيرة الثقافة إلى أن التقصير الحاصل في عدد من المطالب والالتزامات من قبل الكتاب والمؤلفين يرجع إلى نقص الامكانيات وأقول لمعالي وزيرة الثقافة إن قدرك أن تكوني على رأس وزارة في المفهوم العام تعتبر من أهم الوزارات لعلاقتها المباشرة بالثقافة والفكر وارتباطها بكل ما يتعلق بهوية الشعب ووجدانه وقيمه وعاداته وتقاليده ..ومن هنا فإني اتساءل هل يجد الكاتب والأديب الليبي مكانته التي يستحقها ..؟ وهل يتوفر له الاهتمام والرعاية التي يحتاجها …؟ وأجيب على ذلك بكل صراحة وواقعية إن الاهتمام مفقود والرعاية غير متوفرة فالأديب أو الكاتب لا يجد من يهتم بإنتاجه وما زلت اذكر من خلال مكالمة هاتفية مع مدير أدارة المطبوعات السابق رحمه الله فقد ذكر لي إنه وخلال ثلاثة سنوات لم يحول إليه مبلغا لطباعة الكتب !! وأضيف إلى ذلك وعبر تجربة شخصية مع وزارة الثقافة فقد كان لي روايتين تقدمت بهما من اجل طباعتهما ولكن لم أجد من يهتم بهما وبعد يأسي من وزارة الثقافة اتجهت إلى دور نشر خاصة ووعدني احد اصحاب دار للنشر بأنني سأجد روايتي معروضة بمعرض الكتاب الذي يقام الآن بمعرض طرابلس الدولي ولم أجدها وكان وعدا لم يوفي به..كل الكتاب والأدباء بمختلف دول العالم يتلقون مقابل مادي مجزي مقابل انتاجهم الفكري والأدبي إلا كتاب ليبيا وأدباءها لا يطمحون لذلك وكل امانيهم تقتصر على رؤية مؤلفاتهم مطبوعة لنصل إلى القراء ..وإمعانا في الاستهانة بالكاتب من قبل دور النشر الخاصة إنهم لا يمنحون الكاتب أو الأديب سوى خمسة نسخ من كتابه وهذا أعلى أجر يتقاضاه !!…. إن وزيرة الثقافة مدعوة اليوم وبشكل ملح على طرح واقع الكاتب والأديب الليبي على طاولة النقاش لتكون هناك وقفة جادة وقرارات حاسمة توضع موضع التنفيذ الفوري لدعم الكاتب والأديب ورد اعتباره إليه ..واقترح في هذا الشأن تشكيل لجنة من الكتاب والأدباء وبعض الخبراء في مجال الطباعة والنشر للخروج بمقترحات عملية تعزز واقع الثقافة وتضع الكاتب والأديب في مكانه الصحيح بالمحافظة على حقوقه المعنوية والمادية .. وفي الوقت الذي أثمن فيه هذه الخطوة من قبل وزيرة الثقافة بتكريم ثلة من الأدباء والكتاب وهو تكريم مستحق نتيجة لدورهم في إثراء مسيرة المجتمع بالكثير من الكتابات الرصينة والجادة إلا إنني أعتبرها من ضمن واجب الوزارة أتجاه هؤلاء الأساتذة ولكننا نتطلع إلى لحظة يتم فيها تكريم وزيرة الثقافة من قبل الأدباء والكتاب وهو ما يشكل اعترافا بجميل الرعاية والعناية بهم ولتكون علامة مضيئة على طريق استكمال مشروعنا الثقافي الوطني والقومي .

■ عبدالله مسعود ارحومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى