مقالات

أساطير صهيونية وفق خيال نتنياهو

يطرح العديد من القراء ، سواء السياسيين أو غير السياسيين، سؤالا محيرا : هل يمكن اللجوء إلى الأحياء المائية لنشر خرافات لا أساس لها من الصحة؟ هذا التساؤل يظهر عند الاطلاع على كتاب رئيس وزراء العدو الصهيوني، بنيامين نتنياهو، الذي تولى رئاسة الحكومة -لأول مرة- عام 1996. نتنياهو، الذي يعرف في الأوساط السياسية ب“ الرئيس الكارثة”، يستعرض في كتابه“ مكان تحت الشمس ”أفكارا مليئة بالتحريف والتشويه. هذا الكتاب، الذي صدر عام 1993 في نسخته الأولى باللغة العبرية المنقرضة ، تمت ترجمته بعد ثلاث سنوات إلى اللغة العربية ضمن موجة التطبيع الثقافي والمعرفي بين بعض الأنظمة العربية والكيان الصهيوني. تولت دار نشر أردنية تدعى“ دار الجليل ”مهمة الترجمة بالتعاون مع المؤلف، وبلغت صفحات الكتاب 430 صفحة. في الفصلين الأول والثاني من الكتاب، يستعرض نتنياهو النشأة التاريخية للفكر الصهيوني ويظهر نفسه على أنه المدافع الأول عن الهوية اليهودية. يرفض -بشكل قاطع- أية مبادرة تعتمد على مبدأ“ الأرض مقابل السلام”، ويطرح مفهوما جديدا وهو“ السلام مقابل الأرض”، معتبرا أن أمن الكيان الإسرائيلي هو المطلب الذي لا يمكن التنازل عنه في السياسة والاقتصاد وغيرها. كما يؤكد في الكتاب على رفض التفريط في شبر واحد من الأرض، مما ألغى عمليا شعارا“ الأرض مقابل السلام الذي استمر لمدة طويلة دون تحقيق أية نتائج ملموسة لا في الأرض ولا في السلام .في الفصل الرابع، والذي يعد فص مهمًا لومستق،ً يسرد نتنياهو قصة غريبة من نسج خياله، لمستخدمًا مجازًا يعتمد على الأسماك. القصة تدور حول عالم الأحياء المائية (لم يُذكر اسمه) قام بوضع سمكتين في حوض زجاجي؛ السمكة الأولى كانت ذات أنف مدبب، خبيثة وعدوانية، معروفة بأسلوبها الهجومي ضد أي كائن مسالم .. السمكة الثانية كانت أليفة، مسالمة وطيبة.. قرر العالم الفصل بين السمكتين بجدار زجاجي. ما إن شاهدت السمكة العدوانية السمكة الطيبة، حتى سال لعابها وبدأت في محاولة اختراق الجدار. لكنها اصطدمت به مرارًا وتكرارًا حتى تكسر زجاج الجدار وأصيب أنف السمكة المفترسة. بعد عدة محاولات فاشلة، قرر العالم إزالة الجدار الزجاجي. عندما وُضعت السمكتان في نفس الحوض دون جدار، وجدت السمكة المفترسة نفسها في وضع صعب.. كانت قد ترهلت وأرهقت نتيجة محاولاتها المستمرة، ولم تعد قادرة على مهاجمة السمكة الطيبة. وفي النهاية، أُرغمت السمكة المفترسة على التعايش مع السمكة الطيبة، خوفًا وطمعًا في البقاء على قيد الحياة . هذه القصة العجيبة يستخدمها نتنياهو مجازًا لتبرير رؤيته للصراع .. السمكة الشريرة تمثل بالنسبة له الشعب الفلسطيني، المظلوم صاحب الأرض والتاريخ والحضارة، بينما السمكة الطيبة تمثل المغتصبين، الذين احتلوا فلسطين بالقوة. يحاول نتنياهو من خلال هذه القصة إقناع العالم بعدالة قضيته الزائفة، متجاه الدماء والقتل لوالتشريد الذي تسبب به احتلال فلسطين. من خلال الاطلاع على هذه الأفكار وغيرها مما يطرحه نتنياهو، نستطيع فهم كيف يفكر هؤلاء الإرهابيون وكيف ينظرون إلى العالم، وكيف يستبيحون أعراض الآخرين ودماءهم وأرواحهم.

■ بقلم أ.د . محمد شرف الدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى