تزدهر المجتمعات وتنمو بجهود مواطنيها أولا وأخير، مهما اختلفت تركيبة المجتمع و تغيرت رؤى ابنائه حسب خلفياتهم الأيديولوجية وتنوعاتها، يظل الرابط الجامع لمواطني أي بلد هو الهوية الوطنية الجامعة، التي تنصهر أمامها الهوية العرقية والاثنية في بوتقة الوطن ثم الوطن بمختلف تركيباته. لذلك يعتبر التنوع العرقي عنصرًا أساسيًا لبناء مجتمعات صحية و مزدهرة، وأول روافد تعزيز العدالة الاجتماعية وتكافؤ منح الفرص المتساوية لجميع أفراد المجتمع ومكافحة التمييز والظلم ليحقق الثراء والازدهار ويسهم في خلق بيئة شاملة ومتكافئة وسط التعايش السلمي والتعاون بين جميع أفراد المجتمع في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية و غيرها. لا يمكن حصر التنوع في سياق واحد، فعلى سبيل المثال إثراء الثقافات وايجاد تقاليد مختلفة تساعد في تحقيق فهم أعمق وأذق وتقبل أوسع للآخر، وتعزيز التفاهم والتسامح والاحترام المتبادل بين أبناء الوطن الواحد، كونه ركيزة ودعامة أساسية في بناء مجتمعات متقدمة ومزدهرة تتعزز فيها مبادئ التعايش السلمي والتنمية المستدامة. وغالبا ما تكون البلدان التي تتضمن تنوعًا عرقيًا أكثر فعالية في اتخاذ القرارات، حيث تتاح الفرص أمام مجموعة أوسع من الشعور بالانتماء والمساواة بين أفراد المجتمع المتعدد الاعراق و الثقافات، مما يقلل من التوترات الاجتماعية ويعزز الوحدة الوطنية، فالمجتمعات تنجح في اجتياز خلافاتها عندما تؤمن بأن التنوع العرقي مصدر من مصادر القوة وتحقيق العدالة الاجتماعية. بلادنا على مر التاريخ تعد مهد للحضارات وتزخر بالتنوع العرقي والثقافي، مما يجعلها واحة غناء يمكن أن يتم توظيفها بما يخدم مستقبل البلاد، لا أن يزيد من حالة الشقاق بين أبناء الوطن الواحد، ودون أي تجاوزات أو توجهات يمكن أن تحرف مسيرة البناء الوطني واستثمار قواه البشرية كاملة دون أي تعطيل
الدكتور . عابدين الشريف