لاشك أن العالم من حولنا يتطور ويطور نفسه .، ولا شك أيضا أننا جميعا نعرف ذلك وندركه .. ولكن كل الشكوك تنصب وتتجه نحو سياسات بلادنا المتخبطة والعشوائية في جميع مناحي الحياة التي نتقاسمها في هذا الوطن .. جل ما نراه من ممارسات تسييريه تجيء خبط عشواء ولا تتفق مع الكثير من متطلبات المرحلة التي تعيشها بلادنا منذ سنوات حيث لا دراسات قبلية ولا قياس بعدي لمدى فاعلية مئات القرارات والإجراءات التي تصدرها الوزارات والجهات المسؤولة على إدارة دفة شؤون الباد ،لا خطط حقيقية ولا خطوات عملية ومنظمة تحسن من أوضاع هذا الوطن وتعيد بوصلته لاتجاه الصحيح . الفوضى تولد فوضى وتسير بنا إلى مزيد من الدوران حول الذات والمراوحة والفقدان .. فقداننا للوقت المهدور عبثا ،. ولمقدرات الوطن ،فقداننا للطاقات الشابة التي بدأت تتسرب منا في اتجاه الانحراف والانساخ القيمي والحضاري .. فقداننا للعقول الفاعلة وهي تهاجر صوب البيئات الجاذبة والمتصيدة لكل عقل نابغ .. فقداننا لمكانة بلادنا بين بقية البلدان رغم الموقع المميز والساحل المتوسطي الأطول والثروات والأمجاد التاريخية .. فقداننا للنزاهة الوطنية حيث استشرى الفساد واتسع وتعددت أساليبه ومستوياتة وحول البلاد إلى مغنم لأصحاب السلطات والمتنفذين فتعطلت مشاريع وطنية كانت كبرى ودافعة لاقتصادنا الوطني .. بل تعطل مشروع الدولة برمته .. فقدنا الكثير في العقد الأخير للأسف ولازلنا نفقد ما دامت إفرازاتنا المجتمعية التي تسيس هذه البلاد وتقودها هي ذاتها تقاد بأهواء إما ذاتية غير مستوعبة لحساسية المرحلة الوطنية ولاترقى لطموحات وأماني الوطن والمواطن ، وإما تقاد بأهواء وأغراض خارجية تدفع ببلادنا لمزيد المتاهات لتبقى رهينة لهذا الواقع الذي يخدم مصالح بعض الأطراف الدولية وأهدافها الظاهرة والمستترة والغير بريئة في كل الأحوال .. المرحلة وأوضاع البلاد تحتاج منا الكثير من العمل وفي مقدمتها إفراز سياسيبن وقادة يعون خطورة ما وصلنا إليه وقادرون على العمل من أجل ليبيا .. ليبيا التي لا تحتاج في شدتها هذه إلا لأبنائها المخلصن والذين لا هدف لهم إلا رفعة ليبيا وازدهارها ليبيا لم تعد بحاجة لمن تأتي بهم الصدف، والولاءات، والمحاصصة، والغلبة، والانتماءات المشبوهة علينا أن نستفيد من كم الدروس الصعبة والمحن التي ألمت ببلادنا .. علينا أن نعيد الكثير من الحسابات ونلتفت لبناء وطن يكاد أن يضيع منا ،ونعي جميعا أن الوقت حان لإعادة ترتيب أوراقنا الوطنية بإرادة وروئ وطنية مخلصة بعيدا عن عبث الساسة وألاعيبهم ..
■ الفيتوري الصادق