رغم التحديات التي تواجه الصحافة الورقية عالميا ورغم ماتعيشه صحافتنا الوطنية في العقد الأخير من أزمات واختناقات وتعثر إلا أننا لازلنا نعول على أصحاب الأقام الوطنية، خاصة الذين تفيض محابرهم بحب الوطن والإخاص له .. ويجددون أملنا في أن تنهض صحافتنا من جديد وتعود معبرا حقيقيا على هموم ومشاغل شعب أتعبته الملمات وأرهقه تتالي المحن والأزمات . الصحافة ومنذ ظهورها بمفهومها المعاصر كانت لسان حال الناس والمعبر الصادق عن أمانيهم وتطلعاتهم وأداة لنقل الخبر والمعلومة كما هي مجردة من الأهواء والغرضية ، الصحافة التي بدأت مع العصر اليوناني كجداريات مكتوبة لإعام المواطنن بقرارات الحكام وما يستجد من أعمال ،ثم تطورت في عصر النهضة الأوربية لتكون الصحف عبارة عن رسائل تكتب بخط اليد يتداولها التجار والمسافرون و تحوي أخبار الحروب وعادات الشعوب والمناشط التجارية والاقتصادية لتتطور بعد الثورة الصناعية وظهور المطابع في أشكالها وعدد أوراقها ومواضيعها فظهرت في فرنسا صحيفة دوويكلي نيوز سنة 1622م كأول صحيفة مطبوعة ثم صدرت صحيفة لوندن كازيط بإنجلترا سنة 1666م وتوالى صدور الصحف في أوروبا وأمريكا وبقية قارات العالم وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية دخلت الصحافة مرحلة جديدة على مستوى الشكل والمضمون والتوسع فيما تعرضه من مواضيع شملت مختلف نواحي الحياة ولم تعد تقتصر على نقل الأخبار والمعلومات بل أصبحت بمفهومها الحديث مصدرا للأخبار ووسيلة للتوعية ،وأداة للمعرفة ، وصانعة للأحداث كذلك . ولاتزال الصحافة الورقية رغم تحديات العصر الرقمي تحافظ على مكانتها في الكثير من البلدان بل وتوظف الطفرة التكنولوجية لصالح انتشارها ويسر وصولها لمصادر المعلومات. في بلادنا التي يذكر المؤرخون بأنها الأقدم عربيا في ظهور الصحافة حيث يعود تاريخ صدور أول صحيفة في ليبيا إلى عام 1866م تحت مسمى صحيفة “طرابلس الغرب” رغم أن البعض يعتبرها صحيفة عثمانية ،حيث كانت تنقل قرارات الباب العالي وتعليمات الوالي العثماني ولكن كانت فاتحة لصدور العديد من الصحف الوطنية في ليبيا قبل وبعد الاحتلال الإيطالي (الترقي/ الرقيب العتيد/ المرصاد/ انتفاضة الأحرار/ الرائد/ بريد برقة/ مجلة ليبيا المصورة/ اللواء الطرابلسي/ الوطن/ البلاغ/ ليبيا الحديثة/ برقة الحديثة/ فزان/ العلم /الحقيقة/ الفجر الجديد/ والشمس وغيرها العشرات من الصحف والمجات الوطنية) نجد اليوم بلادنا وبعد قرن من الزمان ونصف تقريبا تشهد صحافتها أزمة حقيقية وتتنبأ التقاريرالدولية والمتابعن بقرب اندثار الصحافة الورقية ليس لصعوبة مجاراتها للعصر الرقمي ووقوعها في مرمى نيران الصحف الألكترونية فقط، بل لغياب الدولة كداعم حقيقي للصحافة الوطنية . لازلنا نرى من حولنا مجتمعات وشعوبا تسخر حكوماتها كافة الإمكانيات لصحافتها الوطنية وتخصص لها أكبر الميزانيات وتعتبرها إحدى أهم أدوات بناء الدولة ومساند رئيس لأي عملية تستهدف رفعة المجتمع وتقدمه .. في حين نجد الصحافة في بلادنا خارج حسابات الساسة واهتماماتهم مما زاد من رداءة واقع الصحافة الورقية في بلادنا ووضعها بين تحدي العصر لالرقمي وتجاهل الدولة وسياساتها .
■ الفيتوري الصادق