اما الدور الذي يمكن أن يلعبه المثقف في ظل التحولات المجتمعية الراهنة؟ لقد تسأل الفيلسوف الألماني (هيغل) في كتابه “دروس في فلسفة التاريخ”، عن المحرك الذي ما أنفك يصنع التاريخ ومن خلال طرحه يعتقد أن التاريخ يصنع عن طريق الفكر ، الذي يمتلك إرادة التغيير ، ومن ثم فإن التغيير الاجتماعي والثقافي ، لا يتم إلا من خلال ، (المثقف) فهو روح المجتمع وقلبه االنابض .. فمن هو المثقف ؟ وما طبيعة الدور الذي يقوم به؟ المثقف الحقيقي صاحب مبدأ راسخ لا تهزه العواصف، ولا تغيره الشطحات الفكرية، بنى ثقافته من خل العلم والثقافة ا الواسعة. المثقف كولومبوس أمته الذي من خلاله تكتشف عالمها المتشابك . المثقف من يقلص دائرة السلبيات في المجتمع، ويوسع دائرة الإيجابيات. المثقف ليس بالضرورة من حملة الشهادات العليا، وإنما من ذوي المعرفة الحقة، والثقافة الواسعة . المثقف شخصية واثقة من نفسها لا يلتفت إلى حجارة الفلتاء ، التي قد يرمى بها، وإنما يصنع منها هرما، يطل من خلاله عليهم بنظرة إشفاق .. المثقف لا يجادل غيره كثيرا في مختلف القضايا ،لأنه يعرف إن جل الحقائق نسبية وليست مطلقه .. المثقف من يبلسم الجراح، ويكافح علل الجهل والتخلف ، وينحاز إلى كل ماهو مفيد لمجتمعه.. المثقف من يفك شفرة الغموض في فلسفة مجتمعه، ويحلل أسباب الضعف ليصل إلى النتيجة المرجوة .. المثقف من يطرق صوان الذاكرة ، ويشعل سراج التفكير لإدارة المستقبل بعيون بالأمل .. المثقف من يعالج قضايا أمته برؤيا سليمة، وقراءة واعية، وفهم عميق ، وتحليل دقيق .. المثقف من يتصدى للظواهر الهدامة في مجتمعه ، بالرأي السديد والنصيحة المفيدة .. المثقف من يسلط الضوء على الزاويا المظلمة في مجتمعه ، وينير ها بالعلم والثقافة .. المثقف من يأخذ بيد من جانبه الصواب ، ويرشده إلى ما هو مفيد لنفسه ومجتمعه .. المثقف بسمة أمل في عيون من خذلتهم التجربة ، واشقاهم التخلف المثقف بوصلة المجتمع نحو غايات سامية، وآمال عريضة ، وأهداف نبيلة .
■ لدكتور : خليفة العتيري