تحت ذريعة وجود تشوه يتمثل في الهدر غير المبرر، وفي التهريب، قيل عن صندوق موازنة الأسعار ما قال مالك في الخمر، ووفقا لذلك أقفل باب الصندوق لتقفل معه الجمعيات الاستهلاكية أبوابها . تم ذلك على أمل أن يتولى القطاع الخاص المهمة التي تم تلميعها بميزة تنوع السلع ووفرتها وتنافسها في السوق كي ترضي المستهلك كما ونوعا وسعرا من باب أن الأسعار ستكون في مستطاع كل فئات المجتمع على اختف مداخيلهم وقدراتهم الشرائية.ا نعم تولى القطاع الخاص المهمة، لكنه كيفها على مزاجه، لا بما يتماشى مع القدرة الشرائية، وفي غياب التسعير الجبري الذي تجاهله القانون 23 لسنة 2010 تحت ذريعة أن المنافسة والتنوع هي التي تحدد الأسعار، أمسى يقفز بالأسعار كما يحلو له كلما يحدث ارتفاع في سعر النقد الأجنبي في السوق الموازي، على الرغم من أن السلع الموجودة بالسوق تم استيرادها باعتمادات مستندية لا علاقة لها بالسوق الموازي !. في تلك المرحلة التي تم اتهامها بالتشوه من كافة الجوانب، كانت السلع الاستهلاكية متوفرة في كل مناطق ليبيا وبذات الأسعار، ولم يحدث أي نقص فيها على مدار السنة، ولم نسمع بحدوث عجز في النقد الأجنبي، بل زيادة في الاحتياطي العام، حتى أن النقد الأجنبي كان متاحا للأفراد بسهولة ويسر في المصارف التجارية، هذا إلى جانب ما كان يمنح لأرباب الأسر كمخصصات سنوية، بغض النظر عن تداعيات قضية ” لوكربي” في فترة ما . ومن باب ” اشتدي أزمة تنفرجي” أطلقت يد القطاع الخاص في ملف الاقتصاد، على أمل أن يصلح ما قيل أن القطاع العام أفسده، فإذا به يتغول ب هوادة، حيث لم يلتفت إلى أي جانب تنموي، ا بل تركز كل جهده في التجارة، دون أي التزام بمعاييرها “وهات ما عندك” !، والموافقات على مئات طلبات الاعتمادات المستندية التي يمنحها المصرف المركز اسبوعيا خير شاهد على ذلك. والمحصلة بعد أكثر من عقد ونصف من إطق ا يد القطاع الخاص في الشأن الاقتصادي مع إقفال القطاع العام الباب على نفسه، بدأت النغمة النشاز المتمثلة في عدم تكافؤ الإيرادات السنوية مع المصروفات!، ذلك لأن كل جهد القطاع الخاص أنصب على التجارة والاستيراد والاعتمادات المستندية، حتى تجاوزت الشركات التجارية من كثرتها حد التخمة، باعتبارها بقرة حلوب بحماية القانون دون جهد يذكر، في حن لم يلتفت هذا القطاع إلى تركة القطاع العام من مصانع عديدة كان بالإمكان إحياؤها وديمومة إنتاجها . وبحسبة بسيطة .. يحق القول ” ما أبهاك يا مرت بوي الأولى”، لأن هذا الواقع غير المرشد الناجم عن قانون بات بحاجة إلى تعديل، قفل باب الهدر والتهريب في الزيت والطماطم والدقيق، وهي التهمة التي ألصقت بصندوق موازنة الأسعار، لكنه فتح الباب على مصراعيه لتهريب الدولار، والأجهزة الإلكترونية والنقالات الفاخرة، ووووو ، والحديث في هذا الشأن يطول. لذلك بات من الضرورة الملحة أن يعود القطاع العام للواجهة من جديد، ليلجم نهم القطاع الخاص ولو قلي، بعد أن وصلت القدرة ا الشرائية وتدبر مستلزمات العيش الكريم للكثير من الأسر الليبية إلى الخط الأحمر، وربما دونه؟
■ إدريس أبوالقاسم