يتحدث الكثير عن فوضى الإعلام وما تسببه من تغذية للأزمات بأساليب غير متوقعة، بينما من المفترض أن تكون وسائل الإعلام هي مرآة المجتمع و بوصلة الحكومات، الأمر الذي يستدعي أن نشخص هذه الحالة بشكل أدق ودون الوقوع في مأزق آخر وهو تسطيح القضايا و انتزاعها من جذور واقعها لتصبح عائمة دون وجهة محددة، وهذا ا يعني أن لننكر ما يقوم به الإعلام في مجتمعنا الذي يمر بحالة مخاض عسير، وربما دون وجهة محددة . هذا الأمر يتجاوز نكران إيجابيات التعددية الإعلامية ومحاسنها في زمن اانفتاح الإعلامي لوليد التقدم ااتصالي المتسارع و التغيرات السياسية لالتي تتأثر وتؤثر في المشهد الإعلامي في أي مكان وزمان . لذلك نحتاج إلى حوكمة قطاع الإعلام أوا ثم لالشفافية، فهي لم تعد ترفا بعد أن فرضت نفسها واقعا ومطلبا أوليا في مسار التنمية وبناء مجتمعات عصر المعلومات، الذي يقترن حتما بالحق في التعبير وكشف الفساد. من هذا المنطلق يجب علينا العمل على حوكمة وسائل الإعلام لتعزيز الثقة بينها وبين الجمهور لتحقيق دور إعلامي فعال ومسؤول لضمان وجود بيئة إعلامية صحية ومتوازنة فهي تضمن حرية التعبير، هذا الأمر يستوجب أن تكون هناك حرية كاملة للصحفيين و وسائل الإعلام لتقديم الأخبار والآراء دون خوف من القمع أو العقاب وبيئة شفافة في عملها و ممارساتها، وأن تتحمل مسؤوليها أمام الجمهور وتكون عرضة للمراجعة و النقد وأن تراعي تنوع المجتمع وتنقل أصوات جميع الفئات و الأقليات بدون تحيز . الإعلام الوطني والنزيه عليه أن يحمل على عاتقه مكافحة الفساد وكشف التلاعب عبر إجراءات و ضوابط صارمة لمنعه، ومجابهة التلاعب بالمعلومات وتزييف الأخبار، وأن يحرص كل الحرص على تقديم المحتوى النوعي الذي يتضمن جودة ومصداقية عالية ويعزز الوعي و التثقيف المجتمعي، وأن ا لتغيب قيم ااحترام و الأخلاقيات و أن تلتزم وسائل لالإعلام بمعايير أخلاقية عالية تضمن خصوصية الأفراد وعدم الإساءة لأي طرف لتساهم في بناء مجتمع مدني قوي.فا لحوكمة الرشيدة تحرص على نقل الحقائق بصدق ومصداقية لضمان تشغيل أخلاقي متوازن وفعال لوسائل الإعلام عبر وضع مبادئ الحوكمة الجيدة و المسؤوليات بشكل منظم .كما أن سياسات الشفافية تتم من خلال وضع خطوط واضحة في عمليات اختيار الأخبار و التحرير وإدارة المحتوى؛ هناك بعض الوسائل ااعلامية تحرص على أن يكون الجمهور على علم لتام بكيفية توليها مهامها وتسيير عمليات إنتاجها.كما أن مسألة تحديد ووضع معايير دقيقة للنزاهة لمنع التلاعب بالمعلومات أو توجيه الرأي العام بشكل غير موضوعي، من خلال التقييم و المراجعة الدورية لضمان اامتثال لمعايير الشفافية والحوكمة لو تحديث السياسات عند الضرورة لتعزيز الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام وتحقيق دور إعلامي فعال و مسؤول في المجتمع يحفظ لمؤسسات الدولة هيبتها ومصداقيتها في زمن تتضارب فيه المعلومات دون حسيب أو رقيب . حوكمة هذا القطاع خطوة أولية وركيزة مهمة لبناء مؤسسات إعلامية تلبي حاجات وطننا وتقرب وجهات النظر بين الفرقاء دون تحيز أو تحريض أو انتقاص و مغالبة أطراف على أخرى .
■ الدكتور : عابدين الشريف