اي زمن نعيش واي حياة نريد ، وقد تغيرت كل القيم والثوابت ، وانقلبت كل الموازين الحاكمة التي كانت تحدد مساراتنا وتنظم علاقاتنا الاجتماعية ، كيف لنا أن نعيد الثقة بين الجار وجاره ، والأب وابنه ، والأخ وأخيه ، في زمن اجتمعت فيه كل العجائب ! زمن صارت فيه الخيانة وجهة نظر قابلة للدراسة والتمحيص ! زمن أصبح فيه الخائن يتحدث عن الفضيلة والانتماء وعن الوفاء والإخاص للوطن ! والمعتدي الظالم يلهج بالدعاء ، والمنافق الأفاق لاعق الأحذية يدعي عزة النفس والسمو ! زمن تحجرت فيه القلوب وماتت فيه الضمائر ! زمن أصبح فيه الغريب أقرب وأكثر عطفا من ذوي القربى ! زمن نتكلم فيه عن الإخاص ونحن لانعرف معناه ، نمتدح مكارم الأخلاق وبيننا وبين الأخلاق صحارى ووديان شاسعة ! زمن نذرف فيه دموع التماسيح عن الأبرياء بينما قلوبنا تنبض بالخيانة والظلم ويملؤها النفاق والكره والبغض والحقد والانتقام ! إننا نحيا في عالم تحكمه الذئاب وتسيره قوانن الغاب وتتحكم فيه النزوات . عالم صارت بضاعته الرائجة التسابق والتفن في إهانة وبيع الأوطان والتلذذ بنزف دمائها من فرط الطغيان ! عالم تذبح فيه الفضيلة بدم بارد وتكمم فيه الأفواه وتفقأ فيه عيون البصيرة بنيران الثرثرة والهذيان . عجبا كيف تهون الأوطان !
■ عون ماضي