الحديث عن الديمقراطية هذه الأيام يذكرني بقول الشاعر:وكل يدعي وص بليلى .. وليلى لا تقر اله بذاك فكل نظام سياسي في عالم اليوم يدّعي أنه يمثل الديمقراطية ويطبقها بحذافيرها وأنه النموذج الذي ينبغي تقليده والاقتداء به، والأدهى من ذلك أن كل طرف يعتبر أن الأنظمة الأخرى غير ديمقراطية وأنها تحيد عن مسارها وتخالف منهجها، في حن أننا ينبغي أن ننظر إلى الأمر بصورة مختلفة ومن زاوية مغايرة . فالديمقراطية ليست بالضرورة تعدد أحزاب وصناديق انتخابات، فكم من حزب لا يعني له الوطن شيئاً وكل هدفه هو الوصول إلى السلطة وحكم الناس وفق المنهج الذي تتضمنه أجندته ،وكم من انتخابات تم تزويرها والتلاعب بنتائجها وتدخل المال الفاسد أو التهديد والتخويف لينحرف بها في اتجاهات أخرى . الديمقراطية لابد أن تكون نتاجاً لمخاض محلي وتجربة ذاتية تنبع من صميم المجتمع، باختصار إن الديمقراطية ليست بضاعة تُشترى أو سلعة يمكن استيرادها أو مواد إغاثة يمكن إسقاطها بالمظلات . وفي بعض الدول – ونحن في مقدمتها – تحولت الديمقراطية بالنسبة للمتصارعن على السلطة إلى مجرد سلّم يصعدون عليه إلى كرسي الحكم وحن يصلون يرفعونه معهم حتى لا يصعد أحد بعدهم . ولكي نفهم ألف باء السياسة لابد لنا من القدرة على التفريق بين الاعداء والخصوم، فالمنافسة السياسية قد تخلق الخصومة، لكنها لا ينبغي أن تجعل من يختلف معك أو ينافسك عدواً لك، وتسعى بكل السبل والوسائل إلى تدميره والتشهير به؛ بل والقضاء عليه في بعض الأحيان مع احتدام الصراع وتأجج المنافسة لتتحول اللعبة الديمقراطية بعد ذلك إلى صراع مدمر يجري وسط حلبة من دون حكم . مشكلة الديمقراطية التقليدية الآن هي تقديمها من قبل الغرب كنموذج قابل للاستنساخ في كل مكان وزمان، وتطبيقها في كل الدول وعلى جميع المجتمعات وهو لا يمكن أن يكون صحيحاً في ظل التنوع الواضح في هذا العالم، والاختف الملحوظ ابن المجتمعات التي تشكل عالم اليوم . ولذلك فواقع الحال يؤكد لنا بأن التدخل الغربي في بلداننا بدعوى نشر الديمقراطية وترسيخ مبدأ التداول السلمي على السلطة لم يخلف فيما يبدو سوى أنظمة فاشلة وحكومات فاسدة لا يهمها سوى المحافظة على الامتيازات التي حققتها لها السلطة والفوائد التي جنتها من وراء سيطرتها على صناعة القرار .
■ خالد الديب