مقالات

وقت إضافي

خيبة أمل!

كنا قبل ثاثون عاما نتابع ما ينتجه ل الكتاب والبحاثة والفاسفة حول الألفية ل الثالثة وتوقعاتهم بخصوص ما ستأتي به من تحولات كونية ومتغيرات جذرية تشمل جميع المجالات وتطال كل مناحي الحياة أساسها التقدم العلمي وهدفها رفاهية الإنسان وسعادته .. كانت الدراسات التي تجريها مراكز الأبحاث والجامعات والصحف الدولية تحمل من القراءات والاستقراءات والتنبؤات ما كان يوحي لنا بأن الإنسانية ستحقق مع الألفية المنتظرة كل انتظاراتها وأننا سندخل عصرا مختلفا يتفوق الإنسان فيه على كل عقده وتتحول المعمورة إلى قرية صغيرة الكل يعيش فيها من أجل الكل ، كنا نستشرف معهم المستقبل ونتأمل أن يصاحب هذا التقدم المادي والتقني ارتقاء حقيقيا للإنسان ،وتغييرا في نظرة الإنسان للإنسان ، والترفع على كل ما يسيء للإنسانية التي كرمها الله وفضلها على العالمن وقد اكتسبت من العلم والمعرفة ما اكتسبت .. وجاءت الألفية الثالثة وإذا بنا أمام واقع ووقائع واحداث لم تكن في حسبان المتفائلن بالألفية ولا حتى المتشائمن … واكتشفنا منذ ي مطلع عشريتها الأولى بأن الألفية الثالثة كما الثانية والأولى لا اختاف ولا تطور في عقل الإنسان ولا في سلوكه وعاقته بأخيه الإنسان ل ،بل وجدناه يغيب عقله في غالب الأحيان ويتجه ممتطيا صهوات غرائزه راكضا بانحدار مضطرد في اتجاه التوحش والتنمر والحروب الدموية .. وتسخير ما توصل إليه من ابتكارات واختراعات لصناعة الأوبئة والفيروسات و الحروب والصراعات الدامية واستحداث الطرق والوسائل والأساليب لاستنزاف وامتصاص ثروات الآخر وتقسيم المعمورة إلى معسكرات وثكنات وبؤر صراع في تسابق غريب لتفريغ الإنسان من محتواه والعبث بكل القيم الإنسانية وبكل ما أنجزته البشرية عبر الأف السنن .. ي كنا ونحن نعيش نهايات الألفية الثانية نقرأ ونسمع ونشاهد المنجزات العلمية والبدايات النظرية لما نشهده الآن ونعيشه من تطورات في كل المجالات في الاتصالات والمعلوماتية في الصناعات والاقتصاد وفي كل ما نرى نتائجه وثمراته الآن واقعا ملموسا ، ولم يكن أحد يتوقع أن لا يصاحب كل ذلك تطورا حقيقيا للقيم الإنسانية والتفكير الإنساني الجاد لأجل تنقية الإنسان والسمو بأفعاله .. ولكن لم يرتقي الإنسان للأسف ..لم يخطو خطوة واحدة رغم التقدم التقني الغير مسبوق تاريخيا ،ورغم ما أنجزه ظل يحافظ على ذات الخصال (ذاتية مفرطة – عنف أعمى- مغالبة وغلبة) وسير حثيث في اتجاه فقدان المحتوى الإنساني للكائن البشري .

■ الفيتوري الصادق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى