وسائل الإعلام الجديد ووسائل التواصل الإعلامي أو ما يعرف بإعلام السلطة الخامسة أوصلتنا إلى مساحات كنا نراها قبل أعوام ضربا من الخيال، وحجم البيانات المنتجة اصبح أكوامًا متراكمة لا تكاد نرى علو قمتها، فقد قدرت شركة «أنتل » حجم البيانات التى انتجتها البشرية منذ بداية التاريخ وحتى عام 2003 ما يقدر بخمسة مليار جيجابايت، لكن هذا الرقم تضاعف بسبب وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد إلى 500 مرة خلال عام 2012 ليصل إلى ما يقرب من ثلاثة تريليون جيجابايت من البيانات، ووفقا لتقرير صدر في مارس 2019 وصل حجم البيانات التي انتجها العالم عام 2016 إلى ما يصل إلى 16 تريليون جيجابايت، ومن المتوقع أن يرتفع حجم البيانات إلى 163 تريليون جيجابايت بحلول عام 2025 ، والغريب في الأمر أن % 3 فقط من هذا الحجم الهائل من البيانات خاضع للتحليل والتخزين والاستخدام والبقية مجرد «بيانات دردشة صباح الخير، مساء الخير، كيف الحال، فريقك انتصر، فريقك تحصل على الدوري« إلى آخره من محادثات وعبارات وسائل التواصل الاجتماعي . وإذا تحدثنا عن حجم البيانات التي يقدمها إعلام السلطة الخامسة ومحاولة الحكومات السيطرة عليه لا يمكننا إغفال حقيقة سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على إدارة وتوجيه شبكة الانترنت الدولية من خلال التحكم في مؤسسة «ايكان» ICANN هيئة التحكم في ببرتوكولات الانترنت التي يقع مقرها في كاليفورنيا هيئة خاصة بتنظيم وتوزيع وإدارة عناوين «الاي بي» IP وأسماء المجالات والمواقع العليا في جميع انحاء العالم وهي تحت سيطرة أمريكية خالصة، رغم محاولات دول العالم مشاركة أمريكيا في إدارة هذه المؤسسة ومن ثم إدارة الانترنت من خلال عقد العديد من المؤتمرات الدولية، لكن كل تلك المحاولات لم تسفر عن نتيجة بدءً من تقرير جون ماكبرايت أصوات متعددة وعالم واحد الذي أعد نهاية عام 1981 مرورا بقمة مجتمع المعلومات في مرحلة جنيف 2003 ومرحلة تونس 2005 وصوًلا إلى قمة مجتمع المعلومات 2018 لم يتم التوصل إلى صيغة جماعية مع أمريكيا متفق عليها لإدارة شبكة الانترنت الدولية وهي قضية ضمن أهم قضيتين إعلاميتين لم يحسم النقاش فيهما إلى اليوم بجانب قضية ردم الهوة الرقمية بين الشمال والجنوب وسط مجابهة وتعنت أمريكي خالص .
■ الدكتور : عادل المزوغي