فني

الفنان الصادق قصيعة .. في حوار فني للوقت :

الفن في مجتمعنا مهمش .. ولا تعُرف ماهي الأسباب ؟

من المسرح كان الانطلاق نحو المجال الفني كان منذ الطفولة مغرماً بمشاهدة الأعمال الفنية وإعجابه بالفنانين في أعمالهم.. وكان دائماً يغمره الطموح بأن يصبح فنانا .. أحتواه مجموعة من الأساتذة بالنشاط المدرسي لهم حظوة وإهتمام ، كان أبرزهم الفنان .. عبد الرزاق العبارة .. الذي مهد له الطريق للمشاركات الفنية التي من خلالها تحصل على العديد من التراتيب التي أهلته أن يكون متميزا .. وقد كان له ما أراد .. تميز في الكاميرة الخفية .. والتي كانت كل أعماله من خلالها حتى أصبح يهابه ويتجنبه أصدقاؤه ومعارفه خوفاً من مقالبه الممتعة والمحرجة والتي كثيراً ما أوقعت به في مواقف صعبة مع من وقعوا في شباكه .. لا يتخلص منها إلا (معك الكاميرا الخفية) .. صديق كل الفنانين رغم قلة مشاركته الفنية إلا إنه يحظى بحب الجميع لطيبة قلبه وسرور نفسه المفعمة دائماً بالنشاط والتجدد .. اهتمامه بالنشاط المدرسي الذي من خلاله كانت بداياته .. أبعده كثيراً عن المشاركات الفنية .. كتب وأخرج بعض الأعمال المسرحية والإذاعية والتي كان لها قبول كبير من محبي المسرح والعمل الدرامي بشكل عام ، وهي التي أهلته أن تكون له مشاركات عربية ودولية ، منها الجزائر وتونس وتحصل من خلالها على تراتيب متقدمة كانت الأولى على الفرق العربية المشاركة يقول دائماً على الفن بأنه يحتاج إلى الدعم والاستقرار والإهتمام بالفنانين من خلال الدورات وتوفير أماكن ملائمة ومناسبة للتصوير . يتمنى من الدولة وفي مقدمة ذلك وزارة التعليم الإهتمام بالنشاط المدرسي وخاصة الموسيقى والمسرح . هذا الفنان الشامل والمبتسم دائماً . طلبنا أن يكون معه لقاء صحفي . فقام بزيارتنا في مقر الصحيفة بترتيب من رئيس التحرير .. جلست معه وتناولنا جملة من المواضيع في لقاء لاتنقصه الصراحة .. ننشرله تفاصيلة .. فماذا قال الفنان الرائع الصادق في هذا اللقاء والذي كان بداية بالسؤال التالي : ■ الفنان الصادق قصيعة متى كان التحاقك بالعمل الفني ؟ وكيف كان ؟ وسنة كم ؟ ولماذا اخترت هذا المجال ؟ بداية أشكرك أخي بشير وأشكر صحيفة الوقت ورئيس تحريرها أخي عبد الله خويلد لفتح المجال لي بهذه المقابلة لأتحدث عبرها عن مسيرتي الفنية.بدايتي الفنية رسميا كانت سنة 1989 لحضوري دورة لإعداد مشرفي المسرح في أمانة التعليم كما كانت تسمى سابقا بحكم أنني كنت معلما آنذاك وتحصلت في هذه الدورة على الترتيب الأول مكرر مع الأخت فاطمة غندور، ومنها انطلقت في المسرح المدرسي ولكن قبل ذلك كانت لدي أعمال طفولية وشبابية في نادي العروبة سنة 1975 وكنت في الفرقة الموسيقية أعزف على آلة (الدرامز) . واختياري لهذا المجال هو لرغبتي في الفن والانبهار به وبالفنانين حيث كنت أشاهد المسرحيات وأنا طفل صغير وكنت معجب بالممثلين وبهذا الفن عموما ووجدت نفسي فيه وشاركت بعد ذلك في أعمال كثيرة .

■ من ساعدك ووقف معك في بداية مشوارك الفني ؟ الذي ساعدني وكان عرَابي في بداياتي في المسرح المدرسي هو الأستاذ عبد الرزاق العبارة والذي أكن له كل التقدير والاحترام ، ومجموعة من الفنانين آخرين منهم خليفة الزنتاني وبلقاسم القاضي وقدموا لي إرشادات وتوجيهات واستفدت منها كثيرا .. وقد تحصلت على تراتيب متقدمة في عدة مسابقات لتوصيل فكرة التربية المسرحية .

■ هل بدايتك كانت في المسرح أو في المرئية؟ بدايتي كانت في المسرح المدرسي كما ذكرت لك في بداية اللقاء وما جعلني ألتحق بالمرئية هو عمل كنت مخرجا له وكاتبه فوزي المصباحي وهو مسرحية (تحية فنية جدا) سنة 2005 ومنها اختارني الفنان أحمد حلمي للكامرة الخفية حيث كان منتجا لها ومن إخراج التونسي الزبير اللقاني ، فالانطلاقة المرئية كانت من الكامرة الخفية؛ أما المسرح فكان هو القاعدة .

■ أنت كما قلت بدأت من النشاط المسرحي المدرسي حدثنا عن عملك فيه؟ النشاط المسرحي المدرسي مجالاته كثيرة وكبيرة لو وجد الاهتمام والرعاية، ووجدت قبلي الكثير من الفنانين لا أستطيع أن أحصيهم . واحتضنتني الفرقة الوطنية للمسرح بقيادة الفنان سالم الشريف ومن دفعت بي للفرقة الوطنية للمسرح هي الفنانة منيرة الغرياني، وأخرجت مسرحية (تحية فنية جدا) ومن كتب النص كان فوزي المصباحي مع زملائي في التمثيل عبد الرزاق الفرجاني ومصطفى الشيخ وسالمة الدكتور وعلي دعدوش وغيرهم .. كل هؤلاء كانوا بجانبي وأخرجت العمل وكان إيجابيا بمشاركتي به في الدورة الثانية أو الثالثة تقريبا لليالي طرابلس المسرحية .

■ كانت أكثر أعمالك هي الكامرة الخفية وتميزت بها .. فأين أنت من المسرح والعمل الإذاعي ؟ بعد سنة 2011 حدثت ظروف جعلت من تصوير مشاهد الكامرة الخفية صعبة منها الظروف الأمنية، والمناخ المناسب للإنتاج أصبح صعبا كذلك ويحتاج إلى مادة وجهد واستقرار أمني وهذه المقومات فقدت بعد 2011 في إنتاج برنامج الكامرة الخفية بالتحديد. أما بالنسية للمشاركات الدرامية في (التليفزيون) فلدي عدة مشاركات منها المتاهة وكنت في دور الدكتور الذي يتاجر في الأعضاء البشرية؛ من إخراج الشاب محمد الزليطني، وشاركت مع مؤيد زابطية في تخاريف، وشاركت العام الماضي في شهر رمضان المبارك مع مصطفى الكرماجي وتأليف عبد الرحمن حقيق في عمل (حسن وكناينة) بطولة حسن قرفال وخدوجة صبرين وشاركت في مسلسل ( مثلث مرمودا) من تأليف و إخراج سليمان رمضان والذي يعرض في قالب كوميدي بأسلوب ساخر وحديث .

■ يقال أنك متخصص في المقالب حتى مع زملائك، وهذا ما جعلك ناجحا ومتميزا في مقالب الكامرة الخفية .. فهل هذا صحيح ؟ نعم صحيح، سأحكي لك عن مقلب حدث مع صديق ، ذات مرة وفي أحد الأيام خرجنا من مكتبه وكنت سأرافقه في مشوار له .. وعندما هممنا بالركوب في سيارته لم تعمل السيارة والمحرك لا يدور فطلب مني المساعدة في دفعها؛ ودفعناها ولم تعمل فغضب وضرب سقف السيارة بيده وأنا فعلت مثله ، فقال لي ما بالك يا صادق ، فقلت له أنت طلبت مني المساعدة فساعدتك حتى في ضرب سقف السيارة فضحك .. وهناك الكثير من المقالب حتى مع العائلة ولكن لا تستحضرني الآن .

■ من أقرب الفنانين إليك؟ لا أستطيع التحديد فكل الفنانين أحبابي وأصدقائي وزملائي وعلى مسافة واحدة ولهم كل الاحترام والتقدير، وأحييهم من منبركم هذا وكان الله في عونهم لأنهم يحملون شعلة مضيئة في عاصفة قوية ؛ تمنياتي لهم بالتوفيق لإيصال الشعلة لبر الأمان .

■ شكَلت ثنائيا متميزا مع عبد الرزاق الفرجاني .. حدثنا عن هذا الثنائي؟ في بدايات الكامرة الخفية كنا ثنائيا جميلا ولكن الظروف لم تجعلنا نستمر وأخذ كل منا طريقه وأتمنى له النجاح .

■ لماذ أنت بعيد عن المسرح .. وحتى الأعمال الفنية الإذاعية ؟ بُعدي هو بسبب انشغالي في المسرح المدرسي حيث تم تكليفي بإقامة تظاهرات ومهرجانات مدرسية باعتباري أعمل كرئيس قسم الموسيقى والمسرح في إدارة النشاط المدرسي بوزارة التربية والتعليم وكنا ننتقل من مدينة لأخرى شرقا وغربا وجنوبا .

■ أين تجد نفسك .. وماذا يعني لك الفن ؟ أجد نفسي في مسرح الطفل تحديدا لأنني حملت على عاتقي أن أتجه لمسرح الطفل فيما بقي لي من عمر وأريد تكوين فريق مسرحي لمسرح الطفل وفعلا بدأت في هذا المشروع وأتمنى أن أوفق وأكون على مستوى مواكبة التطور الحديث لمسرح الطفل .. فالطفل محتاج للمسرح وأن يكون في الصورة وينمي ثقافته البصرية والسمعية. ليس هناك في مجتمعنا من يصطحب ابنه للمسرح ولذا فكرتي ستكون بخلق مسرح جوال للطفل .. أما ماذا يعني لي الفن .. فأقول إن الفن هو الحياة هو الروح هو الاستمرار في الوجود حيث تشعر بنفسك أنك موجود عند مشاركتك لأحاسيس الناس ومخاطبتهم خطابا وجدانيا، وتعيش مآسيهم وأتراحهم وأفراحهم .. الفن جميل جدا لمن يعرفه ويفهمه .

■ حدثنا عن مسيرتك الفنية ؟ بدأت منذ الطفولة وأنا أدرس في الصف الرابع ابتدائي حيث كانت مسرحية في كتاب المحفوظات بعنوان )المنجم( وكان معلمنا مصري الجنسية هو المخرج وطلب مني أن أشارك في التمثيل .. ثم بعد أن تقدمنا في العمر قليلا التحقت بنادي بجانب مقر سكناي اسمه نادي العروبة واشتركت في البداية في فريق لكرة القدم ثم حدثت لي مشكلة في ساقي فجلست في غرفة الموسيقى ووجدت نفسي أمسك الإيقاع وتعلمت العزف على آلة (الدرامز) بفضل الأستاذ البدري الكلباش والذي أحييه بهذه المناسبة وأتمنى له الصحة والعافية. سنة 1989 مكتب التعليم بطرابلس أقام دورة لمعلمي النشاط المسرحي فالتحقت بها ونجحت في امتحان القبول من بين63 معلما ومعلمة وتحصلت على الترتيب الأول مكررمع الأخت فاطمة غندور كما سبق وأن أشرت لذلك في بداية اللقاء . وتفرغت للمسرح المدرسي وبدأت في كتابة النصوص المسرحية إلى آخر أعمالي مسرحية تربوية تعليمية بعنوان (وقت الفراغ) سنة 2023 وعملت عليها مع مجموعة مدارس ببلدية تاجوراء وكانت ناجحة جداً .

■ هل كانت لديك مشاركات خارج البلاد؟ وما نوعها ؟ نعم لدي مشاركات خارجية وإيجابية وفعَالة ففي سنوات 2004 و 2006 و 2008 كنت عضوا في مخيمات ثقافية للطفولة مع مجموعة أطفال من ليبيا وتونس في مدينة بنزرت التونسية وكان ذلك عن طريق اللجنة العليا للطفولة. أما المشاركات المسرحية الخارجية فكانت لنا مشاركة سنة 1994 في مسابقة المسرح المدرسي بمدينة قسطنطينة بالجزائر وتحصلنا على الترتيب الأول .. وشاركت في مهرجان (عمر خلفت) في مدينة تطاوين التونسية الذي كان شعاره المسرح فن تربوي بورقة بحثية عن المسرح المدرسي بعنوان دور المسرح في المجال التربوي، وشاركت في دورة ثانية لمهرجان (عمر خلفت) كمشرف إداري على العمل المسرحي (ليلة عرس) من تأليف مصباح المزداوي وإخراج أحمد السنوسي عن طريق المسرح الحر. وكنت عضو في لجنة تحكيم الصورة في مسرح الطفل في مدينة قابس التونسية لمدة 3 سنوات على التوالي2010. 2009 . 2008م . في الجزائر بمدينة (القليعة) كانت لي مشاركة حضور مميز ومداخلات عن الفن المسرحي التربوي وعضو لجنة تحكيم شرفي . آخر النشاطات الخارجية كانت لي مشاركة في دورة مهرجان دوز التونسي بطرح عدة ورقات عن مسرح الطفل والطفولة تربويا عن طريق المسرح ، وتم تكريمي في هذه الدورة . ■ كيف ترى الفن اليوم ؟ وماذا تقول عن ما يعترضه ؟ الفن في مجتمعنا بصفة عامة هو مظلوم ولا نعرف ما السبب.. هل هو من المسؤولين أم من المجتمع .. وباختصار تطور الفن ورقيه يحتاج لبيئة مستقرة اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، وإذا لم تتوفر هذه الشروط لا يكون هناك فن ويبقى مجرد محاولات واجتهادات فردية .

■ ماذا تقول للفنانين ؟ تحية إكبار وإجلال لكل زملائي الفنانين في كل المجالات الفنية دون تخصيص وأتمنى لهم التوفيق وأن يستمروا في عطائهم ورسالتهم التي يجب أن تصل لكل الناس .. ولا يتوقفوا كما فعل بعض زملائي في النشاط المدرسي من الشباب واتجهوا لمجالات أخرى ليست لها علاقة بالفن وأتمنى أن يعودوا للفن .. كما أتمنى من الفنانين تكوين جسم مهما كانت تسميته .. نقابة اتحاد وغيره؛ يحافظ على هويتنا كفنانين ويسعى لتوجيههم فنيا وإداريا ويطالب بحقوقنا . المسرح فن وافد ولكن له دور كبير جدا في رقي المجتمع وأتمنى من الفنانين أن يكملوا المسيرة الفنية ويثابروا ويجتهدوا للوصول برسالتهم لما يصبون إليه رغم العواصف والمطبات .

■ ما تقويمك للحركة الفنية ؟ الحركة الفنية لا نستطيع تقويمها لأنه ليست هناك مقومات لتقويمها، وكل من يعمل في الفن يعمل بالإحساس الداخلي بالمسؤولية والحب للوطن والتجلي كما يقولون في كلمة في الرياَضة أعجبتني هي (القرينتا) .. وحتى المهرجانات والنشاطات الفنية تقام بجهود أفراد .

■ أنت عضو مع أي فرقة فنية ؟ أنا في الفرقة الوطنية للمسرح بإدارة الأستاذ سالم الشريف متعه الله بالصحة .

■ ماهي المواقف المحرجة التي تعرضت لها من خلال عملك في برنامج الكامرا الخفية ؟ موقف حدث لي في إحدى الحلقات في محطة السيارات بذات العماد وسميت بحلقة (الحنش .. إش إش إشش اطلع يا حنش) في آخر تصوير الحلقة كانت الأفعى في يدي وهي مكممة بخيوط على فمها وأنا أضعها مقابل وجه الرجل الذي تم اصطياده في المقلب وهو خائف ويرتعش ويمسك في يده (حديدة رافعة السيارة) والمخرج طلب مني أن أرميه بالأفعى على وجهه ولكنني رفضت لأنه تبين لي نفسيا أنه في قمة الخوف، ولو رميتها عليه من الممكن أن تصيبه جلطة ويغمى عليه أو يكسر لي رأسي بما يمسكه في يده .. فغضب المخرج زهير اللقاني ورفض العمل معي مجددا ، فتقبلت ذلك وتركته حتى يهدأ وطلبت منه إعادة المشهد والنظر لوجه الرجل وهو كبير في السن وكيف يبدو عليه الخوف ، وشرحت له موقفي .. فتفهم الموقف وعذرني .

■ ماذا يحتاج الفن .. وهل ما يجري الآن من مشاركات وأعمال هي أعمال صحيحة ؟ هناك نوع من الصحة ، ولكن الفن يحتاج لدعم واستقرار وتأطير للفنانين ودورات تدريبية ومناخ جيد للتصوير بحيث تكون جهة أمنية تحرس الفنانين عند التصوير من العبث معهم والتعرض لبعض المشاكل من بعض المواطنين غير الواعين للفن . بالإضافة إلى أن أغلب أعمالنا ومشاركاتنا تكون في شهر رمضان وكلها تكون مضغوطة وبالمعاناة ومتسرعة وهذا غير صحيح .

■ من تعاتب ؟ ليس لدي عتاب على أحد وخاصة في الوسط الفني لأنهم يعانون ويكافحون من أجل الفن .. ولكن لدي ملاحظة لوزارة التربية والتعليم أن تدعم النشاط المدرسي وخصوصا الموسيقى والمسرح .

■ حاوره : بشير جحا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى