مقالات

نافذة

نخلة مدينتي تحترق .. بأي ذنب حُرِقَت؟

في غفلة منها شب حريق بقربها، وشيئًا فشيئًا أخذت ألسنة اللهب تتصاعد حتى وصلت إلى جريدها الممشوط وعراجينها المتدلية. وازداد اشتعالها وتمدّد فأكل لحاءها المغُلف، وتطاول حتى وصل إلى قلبها النابض بالحياة، فأصبحت كأنها شعلة مشتعلة تأكلها نار ذات لهب لا تبقي ولا تذر. ها هي النار تسري فيها مسرعة وهي التي كانت قبل لحظات مخضرة يانعة. فرحة متباهية بالرطب الجني تعانق السماء وتزاحم الشمس في الجلاء وتقدم ما لديها من خيرات .. إلا أن ألأيادي السوداء أرادت العبث بها، فعاثت فيها فسادًا وإجرامًا، غير مبالية بالعراجن اليانعة والرطب الناضج والأوراق المخضرة الطرية، فحولتها إلى سواد فاحم. نار أيقظت مضجعها وأفزعت أمنها واستقرارها، وقتلت روح النماء فيها . نخلة مدينتي الواقفة في أمان الله تتغذى من رزق الله، لم تتعدَّ حدودها ولم تتدخل في فضاء غيرها، صامدة في مكانها بثبات . إنها نخلة مدينتي التي تقدم رطبًا جنيًا، وفي كل مرة تقابل بالتهميش والعبث والحرق بالنار . وهذه المرة اندلعت فيها حرب شرسة كسابقاتها من الحروب الخاسرة التي مرت بها .. حرب جاءتها من أبنائها الذين يأكلون من ثمارها ويمشون تحت ظلالها ويُنعِمون بخيراتها.ولكن للأسف، لم يقدّروا قيمتها ولم يعلموا أن هلاكها والضرر بها سيلحق بهم ويكون عليهم نقمة ولعنة واستياء وغضبا .. نأمل أن تكون هذه آخر الأحزان، وأن يستوعب الأبناء الدرس المستفاد ويتأكد لهم جميعًا أن “الحرب الرابح فيها خاسر”. وأن يعمل الجميع لمصلحة المدينة وأهلها والنهوض بها كغيرها من المدن الآمنة المستقرة ..

■ عبدالرزاق يحيى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى