وفقاً لما خلص إليه مؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عُقد في عام 1996، تم تعريف الأمن الغذائي بأنه وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية وأفضلياتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية. وقياسا لهذا التعريف بواقع الحال في بادنا، تظهر دلائل على أن الأمن الغذائي ل لدينا في وضع غير مريح . ذلك لعدم تكامل اشتراطات تحقق الأمن الغذائي، ولعل شح السيولة وارتفاع أسعار المواد الغذائية في مقدمة باقي استحقاقات الأمن الغذائي . فالحالة الليبية لم تقتصر على السيولة وغاء السلع الذي كان خفض قيمة الدينار أمام الدولار أحد أسبابه، بل في هيمنة العمالة الوافدة على كافة مراحل وفرة الغذاء خاصة الشق الزراعي منه بدء من مرحلة الزرع وانتهاء بمرحلة التسويق . الشواهد على ذلك ليست خافية على العيان، نراها في الأسواق العامة وفي “براريك” الخضار والفاكهة التي تنتشر على جوانب الطرقات العامة داخل المدن وخارجها بإدارة العمالة الوافدة. والماحظة في هذه “الحوسة” أن أسعار ل الخضار والفواكه تحدد بالمزاج من قبل العمالة الوافدة التي في غياب الرقابة الفعالة تمكنت من بسط نفوذها في سوق الخضار والفواكه والدواجن واللحوم الحمراء، الأمر الذي مكنها من تحديد أسعارها والتحكم فيه بالزيادة والنقصان كلما تطلب الأمر ذلك . هذا الواقع المعزز بحجة ارتفاع سعر النقد الأجنبي بعد فرض ضريبة ال ٪27، شمل كل السلع المستوردة وغير المستوردة، وعلى سبيل المثال، من غير المعقول ولا المقبول ان يصل كيلو الطماطم وفي عز موسمه ولأول مرة إلى عشرة دنانير، وكيلو الخيار إلى ثمانية دنانير. وهنا قد يسأل سائل ما السبب وراء ذلك؟ كانت الإجابة على لسان إنسان بسيط في حديث جانبي بأحد ” البراكات ” بعد ان صدم بسعر الطماطم قائا .. ” لما موسم الدلاع فسد، التماسيح بيعوضوا خسارتهم في الطماطم”، وأكمل كامه قائا .. “والله لو ل كان لوازم الشر مولة نستوردوا فيها بالدولار نقولوا معليشي ، لكن شن دخل الدولار في الطماطم والخيار؟”. وهنا قفز إلى ذهني سؤالن : الأول .. إلى ي متى يبقي الأمن الغذائي في بادي هشا إلى هذا الحد الذي أمست فيه مكونات “الشر مولة” وباقي المنتجات الزراعية رهينة مزاج الوافدين، كما لو كانت مستوردة بالدولار، وهي التي كانت أيام زمان الوجبة الزهيدة الثمن لمن يعدم الحيلة في تدبر ثمن وجبة دسمة تسد رمقه. والثاني .. إلى متى تقف الأجهزة الرقابية بكافة مكوناتها موقف المتفرج من هذا التاعب الذي يمارسه الأجانب بقوت لالليبين .
■ إدريس أبو القاسم