مقالات

وقت إضافي

احذروا .. إنه ليبي

نتأسف كثيرا لما وصل إليه حال الوطن والمواطن في هذا الزمن الذي بدأت محنه تشتد وتزداد ليحول واقع الليبين إلى مايشبه الجحيم الأرضي ، حيث تعم الفوضى ويستشري الفساد ويتغول وترتفع نسبة الفقر والاحتياج وتنتشر المئات من الظواهر السلبية ويصبح المواطن الليبي مكبا بكم هائل من المشاكل اليومية والاختناقات والملمات الجسام والدوران المتواصل في مدار همومه المعيشية، وفي حالة ترقب دائم ومستمر لحدوث ماهو أسوأ في وطن لايزال أبناؤه عاجزون على بناء دولتهم الآمنة، المستقرة، المستقلة ذات السيادة والحضور الدولي المهاب.نأسف لهذا الحال ويزداد أسفنا كلما ازدادت رداءة الصورة التي بدأت ترسم لليبين في الخارج ، والنظرة المختلفة التي بتنا نجدها سواء في الدول الأجنبية أوحتى في دول الجوار الشقيقة وبقية الدول العربية ،والتي لاتعكس حقيقة الشخصية الليبية التي عرفت بالحضور الرصن والجدية والالتزام بالقيم التي تشربها السلوك الجمعي لليبين من الشريعة الإسامية والتي تدعو إلى السماحة والمروءة والترفع عن كل ماهو مشن فجعل من الليبين في السابق محل تقدير واحترام أينما حلو، ومن تجربة شخصية ومن خال سنوات من الترحال والتنقل في عديد الدول وفي مختلف القارات عشت الكثير من المواقف سواء في المطارات أو في المنافذ القريبة والبعيدة وفي عديد الأماكن العامة في مختلف الدول ،ولم نجد إلا كل تقدير لليبيا وأهلها، من تلك المواقف ما حصل معي في مطار سانت بطرسبورج الروسية عام 2009 كنت وأحد الرفاق الليبين متجهن إلى موسكو في رحلة عمل وكان صاحبي يحمل الجنسية الروسية ومقيم بسانت بطرسبورج ،وتفاجأنا عندما دخلنا الصالة بحركة غير اعتيادية من رجال الأمن وبعد دقائق طلب رجال الأمن بالمطار من جميع المغادرين الاصطفاف في طابور طويل لمرورهم على جهاز المسح الجسدي وهو عبارة عن حجرة ضوئية مشبعة بالأشعة السينية تظهر من يدخلها كما ولدته أمه، وكان هذا الجهاز في ذلك الوقت مثار جدل عالمي حول قانونيته من عدمها ، وأذكر أن أول المعارضن والرافضن لتلك التقنية حينها الولايات الأمريكية ،حيث تعده مساسا بحرية الأشخاص وخطر أيضا على صحتهم ولم تعتمده في مطاراتها إلا مؤخرا وباشتراطات محددة،. وفي روسيا كان استخدام هذا الجهاز حديثا في ذلك الوقت وعلى نطاق ضيق جدا خشية ردة فعل المنظمات الحقوقية، فكانوا يعدونه عما اظطراريا ولايستخدم إلا للمصلحة الأمنية العليا لروسيا، عموما كنا قد وقفنا في طابور التفتيش كغيرنا من المسافرين وبينما كنت أحمل جواز سفري بيدي اتحدث مع مرافقي الذي كان ينقل مافهمه من حديث رجال الأمن القريبن منا بأن سبب هذا التحرك الأمني هو ورود معلومات بوجود أشخاص أجانب يحملون وثائق وأجهزة دقيقة ..وإذا بأحد رجال الأمن يشير بإصبعه نحوي طالبا مني الخروج من الصف الذي اقترب من حجرة الكشف وأقف جانبا ، فتوجهت إليه مستغربا إخراجي ولحق بي صاحبي الذي حاول أن يوضح له أنني صحفي وفي مهمة ، فرد عليه مبتسما وليبي؟ فأجابه نعم، فرد عليه لهذا أخرجته من الصف وسيمر على جهاز التفتيش الاعتيادي ويصعد طائرته، وانت عد للصف، وبعد أن شكرت ضابط الأمن ، التفت إلي رفيقي الليبي ذي الجنسية الروسية أمازحه ارجع للطابور ياروسي .. وحتى الآن لم أنس حجم ذاك الشعور بالاعتزاز بليبيا الوطن .. وعشنا غير هذا الموقف الكثير مما لايتسع المجال لذكره على طيب المعاملة التي كان يتلقاها الليبييون في الخارج عندما كانت الصورة التي نقدمها للآخر مضيئة .. اختلفت في السنوات الأخيرة نظرة العالم لنا ولبلادنا فصار العديد يتوخى الحذر في التعامل مع الليبين ويصف شخصية الليبي بالشخصية المتهورة والعدوانية التي تصل إلى حد القيام بالجريمة وصناعة الإرهاب وتصديره ،وأصبحنا في نظرهم شعب متناحر غير مأمون الجانب في وطن يفتقد للأمن والأمان، فصارت بلادنا تنعت بالدولة الفاشلة والحاضنة للجريمة والإرهاب والخارجة عن القانون ،وينعت أبناؤها بالفوضوين والمارقن والمنتهكن للحقوق الإنسانية والعابثن بثروات بلادهم والعائثن فيها فسادا .

 

 

■ الفيتوري الصادق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى