مقالات

وقت إضافي

أمننا الغذائي في زمن اللا دولة

بات الأمن الغذائي يشغل بال الكثير من الدول والشعوب التي نتقاسم معها الحياة في هذه المعمورة، فنجدها تضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج الكفيلة بتحقيق أمنها الغذائي في عالم مضطرب مناخيا وسياسيا ، ويعج بالأزمات والمشاكل الإقتصادية ، وتؤثر حروبه القائمة ليس على أمنه السياسي والإجتماعي فقط، بل تطال أيضا الأمن الغذائي لشعوبه ومجتمعاته، خاصة تلك التي لم تحقق اكتفاءها الذاتي من المنتجات الغذائية ،وتعتمد كليا أوجزئيا على إستيراد غذائها من خارج حدودها كحال بلادنا التي تغيب فيها السياسات الجادة في هذا الإتجاه، لتظل ضمن الدول التي تصنف بالفاشلة أوالعاجزة على تحقيق أمنها الغذائي في التقارير الدولية سواء التي تصدر عن منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” أو التي تصدر عن برنامج التغذية التابع للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات المهتمة بالأمن الغذائي ،والتي تحذر جميعها من تردي الوضع الغذائي في بادنا على مستوى جودة السلع والمواد الغذائية ،حيث البلاد مفتوحة على مصراعبها لكل الموردين ومن كل الأصقاع، مع ضعف الرقابة والمتابعة وانعدامهما في غالب الأحيان ، مما جعل منها سوقا رائجا لكل رديء ، وأصبحت صحة المواطنن وسامتهم عرضة للخطر وهم يستهلكون سلعا وموادا غذائية منتهية الصاحية أو مجهولة المصدر وبلد المنشأ، ل والفاقدة لمعايير السامة المتعارف عليها في عملية النقل والتخزين، يزيد من رداءة واقع أمننا الغذائي انعدام الوفرة حسب التقارير المشار إليها والمحملة بالتحذيرات من مخاطر نقص المواد الغذائية ونذرتها وارتفاع أسعارها، خاصة وأن بلادنا تستورد 60 % من احتياجاتها الغذائية ،وتزيد النسبة عن 90 % في استيرادها لمحصول الحبوب الذي تتراجع نسبته سنويا، ومن المفارقات بهذا الخصوص ماورد في تقرير منظمة الأغذية والزراعة “الفاو ” الذي صدر العام الماضي 2023م بأن الإنتاج الزراعي في بادنال “ارتبط ارتباطا وثيقا، وإن كان عكسيا، بتطور قطاع النفط فيها”. ففي عام 1958، أي قبل الحقبة النفطية، كانت مساهمة قطاع الزراعة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا أزيد من %26 قبل أن تتراجع إلى 18.5% عام 2002، ثم تنحدر إلى 8.1 % في 2008 . وتواصل الإنتاج في التراجع في العقد الآخير بنسب أكثر بسبب النزاع ،وعدم الاستقرار السياسي، وندرة المياه ،وأمراض الحيوان والنبات، والتصحر ،وقلة العمالة المؤهلة . ولقد كان من الأجدى أن تسخر الثروات النفطية لدعم القطاع الفلاحي، وتوسيع الرقع الزراعية، وتطوير الصناعات الغذائية، واستجاب التكنولوجيات الحديثة وتوطينها ، ووضع الخطط والإستراتيجيات الإقتصادية ،للخروج رويدا من مربع المستهلك المستورد إلى المستهلك المنتج والمكتفي ذاتيا .

■ الفيتوري الصادق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى