إذا كان لابد من الحديث عن صناعة وصناع المحتوى كطفرة في هذا العصر بسبب انفجار التقنية، فإن البشرية منذ فجر بداية التاريخ لم يكن لها شيء تصنعه إلا رص وصف الكلمات والدردشة والهدرزة وقد تم تدوين ذلك وفق احصاءات سجلتها بحوث علمية في أكبر الجامعات العالمية، كما أنها لاتزال حقلة تجربة واستكشاف، فحجم البيانات التي انتجها البشر منذ بداية التاريخ وحتى عام 2003 أي بعد أعوام قليلة من انتشار شبكة المعلومات الدولية أو الشبكة العنكبوتية، يقدر بخمسة مليار «جيجابايت» من كثرة الكلام والأحاديث والرغي والحكي، هذا الرقم تضاعف لاحقا بسبب انتشار واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات الإعلام الجديد إلى 500 مرة خلال عام 2012 إلى مايقرب من ثلاثة تريليون جيجابايت من حجم البيانات التي تحمل حتى عبارات التخاطب والمحادثة والترحاب والنميمة بما فيها حالة (القرمة) الشهيرة التي يتفرد بها الشعب الليبي لوحده دون غيره من الشعوب! ووفقا لتقرير صادر قبل خمس أعوام، في شهر مارس 2019، فقد وصل حجم البيانات التي أنتجتها البشرية عام 2016 مايصل إلى16 تريليون جيجابايت تشمل تفاعلات الدردشة والترحاب والحكي، ووفقا لتلك الإحصاءات أيضا فإن إنتاج البيانات من المتوقع أن يرتفع إلى 163 مستوى تريليون جيجابايت بحلول العام 2025، بحسب شركة «أنتل» الامريكية المسؤولة عن البحث. هذا حجم البيانات التي يقدمها إعلام السلطة الخامسة أو مايعرف بعصر التيه المعلوماتي عصر المرسل هو المستقبل والعكس؛ عصر يكون فيه صناع المحتوى «المدردشين والرغيين» أكثر من عدد سكان الكون !!. بمجراته ونجومه وأقماره، ومحتواهم لايرقى إلى أي مستوى، هواء وحسب، كما يبدو أن البشرية تقضى اغلب أوقاتها في التخاطب والأحاديث .
■ الدكتور : عادل المزوغي