مقالات

وقت مستقطع …

عندما تتخلى المدرسة عن دورها التربوي

منذ نشأتها كانت المدرسة مؤسسة تعليمية وتربوية أي أنها لا يقتصر دورها على الجانب التعليمي فقط وانما كانت الى جانب ذلك تحرص على أداء دورها التربوي إيماناً من القائمين على هذا القطاع أن العلم وهذا لا يكفي البناء الانسان وزرع القيم الانسانية في ذاته وانما لابد أن يصاحبه وعي تربوي يتحقق من خلاله الهدف من العملية التعليمية لأن التربية والتعليم هما خطان متوازيان وبهما تتوازن العملية التعليمية ، لذلك كان المعلمون يحرصون على الجانب التربوي كحرصهم تماماً على الجانب التعليمي وكان المعلم لفترات طويلة هو الانسان التربوي والمربي الذي يقوم بدوره في تربية النشئ ليكمل بذلك الدور التي تقوم به الأسرة في تربية أبنائها ،وكان المعلم يحرص على هذا الدور لإيمانه أن من يقوم بتعليمهم هم أبنائه ولابد له أن يوجههم التوجيه السليم لأجل التسلح بالأخلاق لكي تتوازن المعادلة بين التربية والتعليم -وفي المقابل كان المعلم محط احترام وتقدير من المجتمع ومن تلاميذه وطلابه الذين يرون فيه القدوة والمثل الأعلى باعتباره المربي والمعلم في آن واحد ، ولقد لمسنا الدور التربوي الذي يقوم به المعلم عندما كنا في الصفوف الأولى من التعليم حيث كان المعلم يحرص على توجيهنا إلى أن نسلك سلوكاً قومياً في المجتمع وكان يزرع فينا الأخلاق الحميدة في التعامل مع الآخرين وكنا تماماً مثل أبنائه ولم يتكاسل المعلم عن هذا الدور وكان يؤديه عن طيب خاطر حرصاً منه على أن يشب النشئ على الأخلاق الفاضلة الذين ازدحمت به السجون ومؤسسات الاصلاح والتأهيل ، وماكان ليحدث كل ذلك لو استمرت المدرسة في القيام بدورها التربوي الذي تخلت عنه لأسباب عدة والتي في اعتقادي بأني في مقدمتها عدم كفاءة بعض المعلمين غير المؤهلين تربوياً ليقوموا بهذا الدور واكتفائهم فقط بالدور التعليمي هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى منها عدم تعاون الأسرة مع المدرسة في هذا الجانب بل أن بعض الأسر تعترض على قيام المعلمين بأي دور تربوي ظناً منهم أن هذا الدور من حقهم دون غيرهم وأن أبنائهم ليسوا بحاجة إلى التربية من طرف أي كهة أخري ولو كانت المدرسة و هو ما جعل الكثير من المعلمين يتحاشون الخوض في الجانب التربوي تفادياً لأبه مشاكل من الأسر وبعض أولياء الأمور ، كما أن من الأسباب التى ساهمت في تخلى المدرسة عن دورها التربوي هو تغير ثقافة المجتمع وتعقدها وبعدها عن البساطة التى كانت سائدة في مجتمعنا وتغير النظرة إلى المدرسة التى كانت ترى فيها مؤسسة تربوية ولها الحق في المساهمة والمساعدة على تربية النشئ والأخذ بأيديهم إلى الطريق السوي بعيداً عن الانحراف والجنوح . إن غياب الدور التربوي عن المؤسسات التعليمية لن يزيد المشهد إلا تعقيداً أكثر وسيؤدي إلي الكثير من المشاكل الاجتماعية ، لذلك لابد لناس إعادة هذا الدور إلى المدرسة وبكل قوة وأن تسن القوانين التى تملكها من ذلك وتلك في تقديري مسؤولية القائمين على وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والتقني لانه لو استمر الوصع على ماهو عليه فإنه سيؤدي إلى خلخلة العلاقات الاجتماعية وتأثيرها سلباً ما ينكس على كل مجالات الحياة وتزداد اخلاقيات أبنائنا تدهورا نحو الانحطاط وعدم الاحترام ، أقول تزداد لأننا نرى اليوم في شورعنا انحداراً أخلاقياً واضحاً من خلال تصرفات بعض الشباب ومن الجنسين الذين لا يحترمون أحداً ولا يلقون بالاً للمحيطين بهم فتراهم يتلفظون بألفاظ نابية ويقومون بحركات غير أخلاقية وهي أخلاقيات ما كانت سائدة في مجتمعنا قبل أن تتخلى المدرسة عن دورها التعليمي وقبل أن تنصرف الأسرة الى مشاغل الحياة وركض الجميع وراء الدنيا ومغرياتها والتى أثرت سلباً على تربية الأبناء وبالتالي ثأتر المجتمع لكل بهذا الوضع غير الطبيعي لذلك نناشد كل المسؤولين بضرورة الالتفات إلى هذه المشكلة والعمل على حلها حلاً جذرياً وإعادة الهيبة إلى المدرسة وإلى المعلمين وإنقاذ ما يمكن انقاذه لأنه وكما قال الشاعر أمل البلاء على رقى شبابها إن كان حياً لا تخاف زوالاً حفظ الله أبنائنا من كل انحراف وهدى مسؤولينا لاتخاذ مايلزم لأجل ذلك حتي يقل الانحراف وينخفض مؤشر الجريمة لإيماننا المطلق زن الكمال لله وإنه لا يمكن اجتثاث المشكلة ولكن يمكن التقليل منهما وتضيق دائرتها ليكون الضرر قليلاً .

■ محمد المبروك خليفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى