أعداد كبيرة من الوافدين من مختلف الجنسيات العربية والافريقية استغلت هشاشة الوضع الأمني وماتمر به البد امن فوضى وغياب للقوانن المنظمة للدولة ، فبدأت تمارس مهنا غريبة عن المجتمع الليبي ، تجني منها أموالا طائلة دون رقابة أو متابعة ، مستغلة طيبة الليبين وعطفهم ، لن أتحدث هنا عن سيطرة هذه العمالة الوافدة على أسواق الخضار والأعمال التجارية بشتى أنواعها ، ولا عن مشاركتها الليبين في قوتهم ، ولا عن استهلاكهم للكهرباء ومصادر الطاقة ، فهذا أصبح أمرا واقعا وربما بمباركة الدولة ودعمها ، وتحت حماية بعض المتنفذين في الأجهزة الحكومية ، لكنني أتحدث عن أمر أخطر وأجل ، ستكون عواقبه وخيمة على المجتمع بأكمله.. سأتحدث عن مهنة التسول، وأقول مهنة لأنها لم تعد كما كنا نصفها في بلادنا بالظاهرة، فالظواهر كما هو معروف تنتشر لفترة ثم تختفي ، لكن ما يحدث عندنا تحول إلى مهنة وعمل رسمي منظم تديره وتشرف عليه شبكات منظمة وربما إدارات قائمة يديرها ضعاف النفوس ، استغلت حاجة الناس للمال لتوفير لقمة العيش ، فاتجهت نحو الأطفال، وتسخيرهم وإجبارهم على امتهان التسول في الطرقات وأمام المساجد والأسواق دون النظر إلى ظروفهم وإنسانيتهم !بل الأمر تجاوز الأطفال وتطور ليشمل النساء أيضا، كوسيلة لجذب تعاطف الناس، وبذلك ربما يتجاوز الأمر التسول الظاهر ، وندخل في ما لا يحمد عقباه من مشاكل اجتماعية قد يكون لها أول وليس لها آخر !إن استفحال وانتشار هذه الظاهرة يسيء للمجتمع الليبي ، ومسيء ايضا ومهن لهيبة الدولة ، ويعرض الأمن المجتمعي والقومي لمخاطر الجريمة ، ويؤثر سلبا على تنشئة الجيل الجديد ويمهد لهم الطريق للسقوط في مستنقع الرذيلة من خل استغلالهم بطرق غير أخلاقية !اإن غياب أجهزة الدولة الرقابية والمؤسسات الاجتماعية المناط بها حماية المواطن الليبي ودورها في توفير الدعم للفئات المحتاجة والضعيفة بإجراءات تحفظ لهم إنسانيتهم وكرامتهم ، سيدفع هذه الفئات المعوزة إلى اعتماد التسول مهنة مشرعنة يصعب محاربتها ، وستجر المجتمع إلى مستويات أخرى من الجريمة المنظمة قد تصل إلى السطو المسلح كما يحدث في المجتمعات المتفسخة اخلاقيا !وبالتالي يجب على كل أجهزة الدولة التحرك سريعا في محاربة التسول والعمل الجاد بوضع الدراسات الاجتماعية للفئات الهشة من الليبين ودعمهم والوقوف معهم ،ومداهمة كل أوكار الفساد الوافد مع من دخلوا البد بطرق غير قانونية وترحيلهم اإلى بلدانهم ، وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة قبل فوات الأوان ويصبح وجودهم أمرا واقعا مدعوما من المجتمع الدولي وعندها لن ينفع الندم .
■ عون ماضي