مقالات

حديث الثلاثاء

من جداريات الصحف وكهوف الصحافة

الصحفية أعرق وسائل الإعلام هذه حقيقة دامغة وساطعة لا يمكن أن يتجاهلها أحد، والصحافة الحديثة خليقة ثورة الاتصال الثانية وفكر العبقري «جوتنبرغ» ورأس حربة عصر الاتصال الجماهيري، ومن نقل البشرية من الشفاهة إلى الكلم المطبوع، ما في ذلك شك، ثوابت راسخة في جدار التاريخ، وليس سرًا أو بهرجة كلام أو نافلة قول أن بحوث الصحافة هي من وضع البذور الأولى التي أسهمت في نشأة مناهج البحث الإعلامي التي أوصلت بني البشر إلى ثورة الخورازميات وعصر الذكاء الاصطناعي والتفاعلية واللاتزامنية وهذه أيضًا حقيقة دامغة نعيشها اليوم لا يمكن القفز عليها، أو الهروب منها. والبداية التاريخية لريادة بحوث الصحافة وانتشارها وتفوقها دوليا كانت من محراب كتاب «بناء الصحيفة» للباحث الأمريكي «روجر» عام 1918، وليس من تهافت المنطق أن سبرت بحوث الصحافة في بداياتها أغوار التشريعات الصحافية وتاريخها وقارنتها دوليا وتفحصت أخلاقيات الصحافة والصحفيين، معتمدة على بحوث الكيف والتأويل منهجًا لا بحوث الكم والفلسفة، والبحث المبكر في قوانين الصحافة الدولية له ما يبرهنه علميا حيث صدرت قوانين حرية الصحافة والإعلام في العالم ومن بريطانيا تحديدًا منذ العام 1688 عندما قامت ثورة شعبية لإنهاء حكم الملك جميس، أي قبل قرنين ونيف من إجراء أولى تجارب بحوث الصحافة، مما سمح للتراكم المعرفي لثراث وأدبيات القوانين بأن يكون مجالا خصبًا ومحورا لبحوث صاحبة الجلالة واهتمام الباحثين، ردح من الزمن، وقد راكمت المجلة الشهيرة «فصلية الصحافة» المتخصصة في نشر الأبحاث الإعلامية الصادرة عام 1925 رصيد بحوث الصحافة بعد أن أسسها الأمريكي الأشهر في حقل الاتصال «هارولد لاسويل» صاحب نموذج تصميم الرسائل الإعلامية «من يقول ماذا وبأي وسيلة وبأي تأثير « ومؤسس مدرسة الكم الفلسفية الوضعية الاستنتاجية ومنهج تحليل المضمون، وبسببه قُدر للمدرسة الإمبريقية الاستمرار والازدهار، وأن تتضاعف بحوث الكم في الصحافة خمسة أضعاف فترة خمسينات القرن الماضي على حساب بحوث الكيف بفضل ومساعدة العالم الأمريكي «ولبر شرام» مؤلف أحد أهم أربعة كتب شهيرة للإعلام كتاب «دور الإعلام في التنمية.»ما تجب الإشارة إليه أخيرًا فيما يخص بحوث الإعلام اليوم أنها ركزت على بحوث الفلسفة الوضعية وأهملت ربما عند قصد بحوث فلسفة ما بعد الوضعية رغم البدايات القوية لمدرسة الكيف في مجال بحوث الصحافة والإعلام .

 

 

■ الدكتور : عادل المزوغي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى