مسلسل شط الحرية جاء ليصنع نجومية خالد بريك ورفاقه رغم بساطة الموضوع ، هكذا يعتقد الكثير من عشاق الشاشة التي بثت حلقات المسلسل الرمضانى ، أن الكثير من الناس لا تهتم بصاحب (يلعن بوه اللى بكاهن) ، ولكن ماذا عن أولئك الذين رأوا فيه أنه فيلسوف أكثر من مجرد ممثل بسيط خدمه الحظ بأن يطل كل ليلة رمضانية هو وفرقته ليخبرنا عن حالة ( مقلب الشراب) والذى احتلته جموع المهاجرين الأفارقة ولا يملك أهله إلا البكاء والنحيب على وطن يضيع ، فعيونهم مغرورقه بالدموع والنحيب ، بسبب المشاكل والصراعات بينما يتسلل الأفارقة بأعداد مخيفة للاستيطان ليس افراد باحثين عن فرصة تسلل إلى الجنة الموعودة عبر المتوسط بل تحولوا إلى مستوطنين عائلات وأطفالا فيما يشبه غزو الهكسوس دون أن تحرك حكومة مقلب الشراب ساكنة ، (ويلعن بوه اللى بكاهن) على رأي بريك ، ورفاقه ، ذلك الممثل التلقائي الذي خفف عن المشاهدين ثقل اللحظات فى زوايا حطام وطن طحنته الفرقة والخصومات وتزايد عدد الأفارقة ، ونهبت خيراته اللصوص والمرتزقة ؟! ، والسؤال ؛ كيف أصبح (بريك) بين ليلةٍ وضحاها بالنسبة للناس محبوبهم ونجمهم وزعيمهم ؟ وكيف وصل الأمر إلى أن يحبه المشاهد أكثر من ميسى بل وأكثر من ابطال مسلسل باب الحارة؟ !والسؤال الآخر :هل يدرك (بريك) ورفاقه حجم المهمة الملقاة على كاهلهم ؟ هل يعلم أنه وقع فى منطقة اللاعودة كتلك الفاصلة بين الجاذبية والفضاء الخارجى ؟ لن يقبل منه المشاهد فى الأيام القادمة ولا من رفاقه فريق شط الحرية ، لن يقبل منه التكرار والمراوحة فى نفس مقلب الشراب وبراريك (الزينقو) ، ولن يستسيغ المشاهد تلك ال رداءة فى الحوارات والعبارات المفككة ، فالمشاهد صار فطنا وذكيا واصبح قادرا على معرفة العمل المتقن من العمل السطحي ، والمشاهد لا يخفي رغبته فى الإبداع والابتكار فهو سيمل من حركة الكاميرا المحدودة والمشاهد التى تفتقر لأبسط مقومات الخدمة المرئية كالإضاءة وجودة الصوت ومواجهة الكاميرا وحركة الممثل ، وهى أبجديات أي عمل تلفزيوني ، فكيف بمسلسل تجاوز عامه السادس وهى أمور ستجعل العيون تدمع إذا لم يتم الانتباه لها. وساعتها فعلا « يلعن بوه اللي بكاهن « ، ولعل اهم شيء سيجعل شط الحرية متنفسا للوطن هو اهتمامه بما يجمع ولا يُفرق ، ما يصلح ولا يفسد وأن يبتعد عن المغالاة والشحن ومشاهد العنف والخصومات والسلاح ومحاولة تقليد رجال العصابات ، فالناس تبحث عن الوجه الآخر من الحياة فليس كل الألوان غامقة ، فهناك ألوان زاهية وربما تسر الناظرين ، فعلى فريق العمل وقد رسخ أقدامه فى اهتمام المشاهدين أن يضع خارطة الوطن أمام عينيه وليس تضاريس مقلب الشراب ، المنطقة الخيالية التي شكّلها شط الحرية وليس الطبيعة ، وحوَّل فيها المسلسل حياة «الحول ورفاقه « إلى سيرة ممتعة ومشوقه ، رواها بسرٍد مُشوق ووصفٍ دقيق بالمشهدية المؤلف والمخرج القابسي والعروشي حين حولاها إلى قرية أولمبية تعكس طبيعة القرى الليبية الصغيرة برمزية سكانها وتناقضاتهم وعقدهم ومشاكلهم ، مما يُشعرنا وكأننا نعيش في قلب المقلب وهذه مهمة صعبة على فريق العمل ونجومه ..
■ الدكتور : أبو القاسم صميده