مساحة الإعلام والاتصال التي نتمتع بها اليوم ونرفل في ظلها جميعا.. حققها لنا العالم الفذ أرسطو بإنجازه لأولى خطوات الفعل الاتصالي ثلاثية الخطيب والخطبة والمستمع.. قبل نحو 3500 سنة قبل الميلاد .. هذا المنجز الأرسطي سبر أغواره سلسلة من العلماء ليكونوا لنا بعد دروب من الزمن ما عرف اليوم بدائرة الاتصال .. الذي تأسست على مبدأ أن المرسل هو المستقبل والعكس، شبكة من التقانة العلمية الراقية التي سمحت لنا بكل فخر أن نتصفح شبكة المعلومات الدولية ونتمسح ببركات الذكاء الاصطناعي دون عناء وببساطة.. رغم الفارق الزمني بين منجز أرسطو ونخبة العلماء الذين أنجزوا المهمة الإنسانية بعده، لكن ظل أثره موجودا .. فالعلامة «هارد لازاويل» بشبكته الخماسية من يقول ماذا وبأي وسيلة وبأي تأثير ولمن، عشرينات القرن الماضي أكمل بكل حرافية رحلة الفعل الاتصالي أو ما يعرف بالاتصال الأحادي أو وفق ماتصوره شرام من أن المرسل حر والمستقبل مكره. وقد أضاف العبقري « لازاويل» – الذي اعتبره مؤسس الإعلام والاتصال الحقيقي والابن البار للإنسانية قاطبة ضمن شبكة دائرة الاتصال- عنصري الوسيلة والتأثير، بعد أن منح العالم «روس» الإنجاز الأهم في العملية الاتصالية، ردة الفعل أو ما عرف برجع الصدى، وأنهى بشكل حاسم مرحلة الاتصال من جانب واحد، أو مرحلة الفعل الاتصالي .. وخرج بنا إلى ما سمي اليوم بدائرة الاتصال أو العملية الاتصالية التي اكتملت باكتشاف «شانون وويفر» لعنصر التشويش .. «وشرام واسجود» للخبرة المشتركة والإطار الدلالي، شبكة الاتصال الدائري خريطة علمية تكونت من ثمانية عناصر أسست لمختلف المجالات الإنسانية ومكنتنا من أغلب الاختراعات العلمية، بالأخص في مجالات الإعلام والاتصال.. الفضل صحيح يعود للأمريكي «لازاويل » لكن لايمكن أن نغفل فضل الأمريكي الآخر «والتر ليبمان» مؤلف كتاب الرأي العام الذي كان مصدر إلهام مهم نهل من معينة «لازاويل » وأبان عن قدرات خرافية انجزت للإعلام بواكيره وأساساته. لذلك فإن هذا التأصيل المعرفي يعود بنا إلى طبيعة الأشياء، وأن مسألة التراكم المعرفي والزمني تبدو مهمة جدًا في تحقيق المنجز العلمي سواء تم استعانة الإنسانية أو كتيبة العلماء بمفهوم الباردايم» التغيير في نمط التفكير» أو لم تستعن.
■ الدكتور : عادل المزوغي