مقالات

أبيض x أبيض

الصور الذهنية والصور النمطية في ميزان الشريعة الإسلامية (1)

في حال محاولتنا توصيف الصورة الذهنية و الصورة النمطية بشكل واقعي، يمكننا الاتفاق على أنهما مفهومان يستخدمان لوصف كيفية تصورنا للأشخاص أو الأشياء أو المجموعات بشكل عام، فالصورة الذهنية تمثل الانطباع أو الفكرة التي يكونها شخص ما عن شخص آخر أو شيء معين بناءً على تجربته الشخصية و معلوماته، و هذه الصورة قد تكون إيجابية أو سلبية، و تتشكل بناءً على تفاعل الفرد مع المعلومات المتاحة، و التجارب السابقة و المشاعر الشخصية، وهي مسألة قابلة للتغيير و التعديل مع مرور الوقت و مع توفر معلومات جديدة.أما الصورة النمطية هي نوع خاص من الصور الذهنية، تتميز بكونها مبسطة وعامة وتتعلق بمجموعة كاملة من الناس بناءً على خصائص مشتركة، وغالباً ما تكون مبنية على أفكار مسبقة و تعميمات قد لا تكون دقيقة، مثل الاعتقادات عن عرق أو جنس أو مهنة معينة، وتكون عادة أكثر ثباتاً وأقل قابلية للتغيير مقارنة بالصورة الذهنية، لأنها تعتمد على تكرار نفس الأفكار و المفاهيم العامة.غير أنه لكل منهما تأثير على الكيفية التي نرى بها الآخرين و نتفاعل معهم، ومن المهم الإشارة إلى أن الوعي والتعلم المستمر قد يساعدان الأفراد على تحدي التعميمات النمطية و تشكيل صور ذهنية أكثر دقة وتمثيلاً للواقع وتعزيز الوعي.ومن المهم توضيح تفرد القرآن الكريم بالفصل و توضيح هذه المسائل، فبحسب آياته الكريمة أن الصورة الذهنية في معظم الأحيان تشير إلى كيفية استخدام الكلمات و الألفاظ و الصور اللغوية التي تنقل المعاني و المفاهيم بطرق عدة تجمع عادة بين العمق والبيان، وذلك بهدف تقريب الأفكار و وجهات النظر إلى أذهان المشاهدين و المستمعين و القراء. فالقرآن الكريم يستخدم طرقا وأشكالا و أساليب بيانية متعددة و متباينة مثل: الاستعارات، و التشبيهات و القصص، و الحكم و الأمثال، بغية رسم الصور الذهنية التي بالضرورة تساعد في فهم الأفكار و المعاني الروحية و الأخلاقية و التشريعية وكل ما شابه ذلك. فعلى سبيل المثال هناك صور ذهنية تُعتبر من الوسائل و الطرق و الأساليب التي وردت في القرآن الكريم في تعليم و تربية وتنشئة وتنوير العقول، تُظهر عادة عمق الرسالة القرآنية الربانية وتُسهِّل على الأفراد تصور الأفكار التي لها علاقة بالقيم التي تُبرز جمالية النص القرآني وتفاعله مع النفس البشرية. وعند التدبر في القرآن الكريم، يجد القارئ المتأمل له كيف أن هذه الصور تُساعد على التفكير في مسائل الإيمان، وأسرار الكون، وكل قضايا الحياة و الموت، وأيضا كل مسائل الخير والشر من خلال اللغة البليغة و المجاز العميق الذي يثري التجربة الروحانية و الفكرية للقارئ والمستمع والمشاهد.لذلك تُعد الصورة الذهنية في القرآن الكريم، من أهم الخصائص البلاغية التي تميّز النص القرآني، بل تساعدعلى توصيل الرسائل و المعاني بطرق بليغة وقوية .       يتبع …

■ الدكتور : عابدين الشريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى