مقالات

عزف منفرد

قراءة أخرى

تحفل كتب التاريخ بالعديد من الوقائع والأحداث التي مع مرور الوقت وتعاقب الزمن أضحت أكثر ترسخاً وثباتاً في عقول وأذهان الأجيال المتعاقبة حتى وإن كانت هذه الوقائع وتلك الأحداث من النوع الذي تحوم حوله الشبهات ويتعارض بشكل صارخ مع السياق التاريخي الذي ينبغي ألا نغفله في أي سرد أو تحليل. من ضمن هذه القصص التاريخية ما يروى عن أسباب فشل القوات النازية في إسقاط مدينة « لينينغراد « السوفياتية وتبخر أحام هتلر في بسط نفوذه على ما كان يعتبره المجال الحيوي لألمانيا. كل الكتب التاريخية التي عثرت عليها تعتبر أن فشل الجيش النازي في احتال هذه المدينة مرده إلى تساقط الثلوج بكثافة الذي عرقل تحركات الجيش الألماني وتجمدت أطراف جنوده إلى درجة وصل الحماس ببعض المؤرخن إلى اعتبار أن الذي هزم جيوش هتلر هو «الجنرال ثلج.» تبدو هذه الرواية للوهلة الأولى كمشروع سيناريو لمخرج مبتدئ يشق خطواته الأولى نحو عالم النجومية، وإلا كيف لنا أن نصدق هذا الخيال الجامح ونحن نعلم علم اليقن حجم المعارك وهولها التي شهدتها هذه المدينة والمدن السوفياتية الأخرى، حيث ذكرت بعض المصادر التاريخية أن مدينة لينينغراد دمرت بالكامل وأن مدينة ستالينغراد لم يبق فيها مبنى واحدا على حالته وأن الاتحاد السوفياتي فقد ثاثة وعشرين لمليون من مواطنيه في هذه المعارك. كما أن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل كان الجيش النازي يقاتل وسط الثلوج فيما كان المقاتلون السوفيات يحاربون في أجواء دافئة وتحت شمس مشرقة، وهل أن الجيش النازي قادم من الصحراء الكبرى حتى تختلط عليه الأمور إلى هذا الحد؟!. إن الذي هزم جيوش هتلر ودافع عن حدود الاتحاد السوفياتي هم مواطنو هذا البلد عسكريون ومدنيون وهم الذين صدوا العدوان على بادهم ودفعوا ثمناً ل غالياً في سبيل ذلك.. ولمن يحبون قراءة التاريخ فإن مدينة لينينغراد استعادت اسمها السابق «سان بطرس بورغ» ربما تيمناً بقيصر روسيا الجديد الذي أعيد انتخابه للمرة الخامسة.

■ خالد الديب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى