لا أعلم أين ستقف أو تستقر فكرة النظام الإعلامي العالمي الجديد التى تشكلت ارهاصاتها عقب تقرير شون ماكبرايد» أصوات متعددة وعالم واحد أواخر 1981 للدول غير المنحازة واعتمدته اليونيسكو، بعد اندفاع العالم ووسائل إعلامه بكل قوة إلى عصر بعد الحقيقة post truth أو مايعرف اليوم بعصر الزيف واعتماد التضليل والخداع المعلوماتي بدل الحقيقة، فكرة ذلك النظام تعتمد على قاعدة الحق في الاتصال الذي يضمن تدفق المعلومات الصادقة بتوازن بن الشمال والجنوب والدول النامية والمتقدمة، وقد تأسس هذا الحق من رحم القرار رقم 59 الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1946 كأول نص دولي لحقوق الإعم، والمادة ا 19من الإعن العالمي لحقوق الأنسان ا العام 1948 اللذان يعتبران حرية الرأي والتعبير حق أساس لكل البشرية. لكن الذي نشاهده اليوم ينسف هذا التراث الإنساني والجهد المضنى عبر سنوات وعقود تكبدته دول الطرف الثالث في كفاحها المرير لنيل حقها في الاتصال دون رتوش بحثا عن المصداقية والعدالة والمساواة، لم تعد الحقيقة المطلب الأول لوسائل الإعم ا وباتت أقل تأثيرا في تشكيل الرأي العام، في «زمن اغتيال الحقيقة من أجل مصلحة الشعب‹ كما يقول الكاتب الأمريكي رالف كييس في كتابه ماوراء الحقيقة.وربما نعيد طرح السؤال بطريقة أخرى آلة الإعم ا الجهنمية التى نشأت كحمل وديع ثم تغولت وصارت وحشًا يفترس الجميع إلى أين ستقود البشرية؟!فقد تعملقت صناعة الكذب واشتدت قوتها وقدرتها على تدمير الحقائق بشكل يفوق كل تصور، مستخدمة الخوارزميات والذكاء الاصطناعي، كآخر ما جادت به قريحة العقل البشري من تقنيات كانت إلى الأمس القريب لا تخرج عن نطاق الخيال العلمي، إلى الحد الذي بات ممكنا فيه، من خل تقنية الزيف العميق Deep ا Fake، القيام بصناعة الكذب والزيف من الطراز عالي الجودة، الذي يتطابق بدقة مع الحقيقة ولا يمكن الفصل بينهما بسهولة إلا من خل تركيز خبراء.
■ الدكتور : عادل المزوغي