فالصغير يتوق إلى اليوم الذي يصبح فيه شابا ،والشاب يتوق إلى اليوم الذي يصبح فيه رجا، وتتوالى الأيام، فالذي بالأمس كان طفا ، طموحه الحصول على لعبه، وتستهويه بدلة جديدة أهديت إليه ، ولا يعرف من أين ثمنها ؟ المهم يفرح ، ويلعب ويركض ،ويضحك ويبكي لا احد يلومه عما يفعل .. لا يشغله شيء في الدنيا ، يبتسم للجميع ، لا يعرف النفاق ،يتوق إلى اليوم الذي يصبح فيه شابا ، ويتمنى أن يصل هذه المرحلة سريعا ،وعندما تلقحه حرارة الشباب، يبدأ الالتفات إلى نفسه، ومن ثم تكثر مشاكسته ،ليلفت انتباه الآخرين وبخاصة من البنات ،ليشعرهن، أنه صار رقما في معادلة الحياة، فالويل لمن يعارض أفكاره، أو ينتقص من قيمته، لأنه يتوق إلى محطة يتمنى أن يصل إليها سريعا .. فيهتم بالشعيرات، التي لا طفت ذقنه .. ويتمناها لو ،طات أكثر ،لأنه يراها رمزا للرجولة، وبين عشية وضحاها ،يجد نفسه نقد وصل إلى مرحلة الرجولة التي تهديه توازنا في شخصيته ،وتبدأ مرحلة التعب التي كان يفتقدها من قبل، حين تغمره المسؤوليات نالعائلية، و تعصف به، وتبدأ تأكل من نضارته، يوم بعد يوم، بعدما صار مسؤولا عن أسرته، فلم يعد تشقيه طلباته الخاصة ،لأنه صخرها لغيره ، فماعاد تهمه أناقته . ولا تشغله الحسناوات اللآتي يشاكسنه، بحسن نية ، أوخبث ، وفي هذا الزخم ،وهذا الإجهاد ، يتمنى أن يرجع إلى واحة الطفولة، ورياض الشباب ، الذي فقده ،ولم يشعر بمروره .. لكن هيهات هيهات هيهات ، وتبدأ سنوات العمر ،تتوالى بعصف شديد تطرق بابه ،فيلتف إلى الرفاق، فيجدهم قد غادروا ساحته ، فيسأل نفسه هل الكبر حل ؟ليته يدري أن الكبر ليس بما مرت عليه من سنوات بحلوها ومرها . ولا بعدد تلك الأيام التي عاشها . الكبر ح يشعر بالاغتراب في نبيت كان به سعيدا في يوم من الأيام … الكبر ليس بالبياض الذي ياطف فروة رأسه ، لولا بالأسنان التي بدأ يودعها . الكبر ح نيغادره من أهدوه مفاتيح كنوز قلوبهم ، يوم كان يقضي معهم أجمل اللحظات … الكبر أن تمتلك أخبارا سارة أو حزينة، ولا تجد من يشاركك فيها … الكبر ح ينفض سوق نأحبته فا يجد منهم من يذكره بيوم سعيد مر عليه بصحبتهم … الكبر أن يصبح غريبا ،في أفكاره وآرأه .. عندها فقط ليقل للكبر عليك السام .
■ الدكتور : خليفةالعتيري
